يفوت من الغنيمة منك، لا نلهو ولا نرغب عنك، وإنني من أمري لعلى يقين وبيان وحقيقة، وإني لقيتك وأنت تعلم ما أريده.
فمد يده اليمنى إليها وأخذ منها حصاة بيضاء تلمع من صفائها، وأخذ خاتمه من يده فطبع به الحصاة وقال لها: يا حبابة! هذا كان مرادك مني، فقالت: إي والله! يا أمير المؤمنين! هذا أريده لما سمعت من تفرق شيعتك واختلافهم من بعدك فأردت هذا البرهان ليكون معي إن عمرت بعدك لا عمرت، ويا ليتني وقومي وأهلي لك الفداء، فإذا وقعت الإشارة، أوشكت الشيعة إلى من يقوم مقامك أتيته بهذه الحصاة فلو فعل بها ما فعلت علمت أنه الخلف من بعدك، وأرجو أن لا أؤجل لذلك، فقال لها: بلى والله، يا حبابة! لتلقين بهذه الحصاة ابني الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا، ترين في نفسك برهانا عظيما منه وتختارين الموت فتموتين ويتولى أمرك ويقوم على حفرتك ويصلي عليك، وأنا مبشرك بأنك مع المكرورات من المؤمنات مع المهدي من ذريتي إذا أظهر الله أمره.
فبكت حبابة وقالت: يا أمير المؤمنين! من أين هذا لأمتك، الضعيفة اليقين، القليلة العمل!؟ لولا فضل الله وفضل رسوله وفضلك يا أمير المؤمنين حقا لا سواك!
فادع لي يا أمير المؤمنين! بالثبات على ما هدانا الله إليه لا أسلبه، ولا أفتن فيه، ولا أضل عنه، فدعا لها أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصبحها خيرا.
قالت حبابة: فلما قبض أمير المؤمنين بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله في مسجد الكوفة، أتيت مولاي الحسن فقال: أهلا وسهلا يا حبابة! هاتي الحصاة وطبعها أمير المؤمنين (عليه السلام) [الحسن] وأخرج الخاتم بعينه، فلما مضى الحسن (عليه السلام) بالسم أتيت الحسين (عليه السلام)، فلما رآني قال: مرحبا يا حبابة! هاتي الحصاة فأخذها