أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما ها هنا من السلاح والرجال، والناس سراع إلى الفتنة؟!
قال: وجعل الحسين [(عليه السلام)] يأبى، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون:
لا يدفن أبدا إلا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) [208] - 52 - أبو جعفر الطبري:
فلما فرغ [الحسين (عليه السلام)] من أمره وصلى عليه سار بنعشه يريد قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلحده معه، فبلغ ذلك مروان بن الحكم طريد رسول الله، فذهب مسرعا على بغل حتى دخل على عائشة وقال: يا أم المؤمنين! إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند جده، والله! لئن دفنه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة، قالت: فما أصنع؟
قال: إلحقي وامنعيه من الدخول إليه.
قالت: فكيف ألحقه؟
قال: هذا بغلي فاركبيه، والحقي القوم قبل الدخول، فنزل عن بغله وركبته وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السروج، ولحقتهم وقد صاروا إلى حرم قبر جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرمت بنفسها بين القبر والقوم وقالت: والله! لا يدفن الحسن هاهنا، أو تحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها! وكان مروان لما ركبت بغله جمع من كان من بني أمية وحرضهم على المنع، وأقبل بهم وهو يقول:
يا رب! هيجا هي خير من دعة! أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله، والله! لا يكون هذا أبدا وأنا أحمل السيف! وكانت عائشة تقول:
والله! لا أدخل داري من أكرهه، وكادت الفتنة أن تقع.