قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال الله عزوجل: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ (1) إن محمدا غير مواف يوم القيامة بوزر، ولا مطلوب فيها بذنب.
قال اليهودي: فإن هذا إدريس رفعه الله عزوجل مكانا عليا، وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته؟
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل ثناؤه قال فيه: (ورفعنا لك ذكرك) (2) فكفى بهذا من الله رفعة، ولئن أطعم إدريس من تحف الجنة بعد وفاته، فإن محمدا أطعم في الدنيا في حياته بينما يتضور جوعا، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) بجام من الجنة فيه تحفة، فهلل الجام وهللت التحفة في يده، وسبحا، وكبرا، وحمدا، فناولها أهل بيته، ففعلت الجام مثل ذلك، فهم أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل (عليه السلام) وقال له: كلها، فإنها تحفة من الجنة أتحفك الله بها، وإنها لا تصلح إلا لنبي أو وصي نبي، فأكل منها (صلى الله عليه وآله) وأكلنا معه، وإني لأجد حلاوتها ساعتي هذه.
قال اليهودي: فهذا نوح (عليه السلام) صبر في ذات الله تعالى، وأعذر قومه إذ كذب.
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) صبر في ذات الله عزوجل فأعذر قومه إذ كذب وشرد، وحصب بالحصا [بالحصى]، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة وشاة، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال: أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد! فأتاه فقال: إني أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال فأهلكتهم بها!