قال: هذان ابناك الحسن والحسين! فعانقهما وقبلهما، وكان الحسن (عليه السلام) أشد بكاء، فقال له: كف يا حسن! فقد شققت على رسول الله. فنزل ملك الموت (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا رسول الله! قال: وعليك السلام يا ملك الموت! لي إليك حاجة! قال: وما حاجتك يا نبي الله؟!
قال: حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرائيل فيسلم علي وأسلم عليه! فخرج ملك الموت وهو يقول: يا محمداه! فاستقبله جبرائيل في الهواء، فقال:
يا ملك الموت! قبضت روح محمد؟
قال: لا يا جبرائيل! سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك!
فقال جبرائيل: يا ملك الموت! أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد؟ أما ترى الحور العين قد تزين لروح محمد؟
ثم نزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أبا القاسم! فقال: وعليك السلام يا جبرائيل! أدن مني حبيبي جبرائيل! فدنا منه، فنزل ملك الموت، فقال له جبرائيل: يا ملك الموت! احفظ وصية الله في روح محمد! وكان جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملك الموت آخذ بروحه، فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله نظر إلى جبرائيل فقال له: عند الشدائد تخذلني؟
فقال: يا محمد إنك ميت وإنهم ميتون، كل نفس ذائقة الموت.
فروي عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل، فيعرض عنه، فقيل لفاطمة، امضي إلى علي فما نرى رسول الله يريد غير علي، فبعثت فاطمة إلى علي (عليه السلام) فلما دخل فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينيه وتهلل وجهه ثم قال: إلي يا علي! إلي يا علي! فما زال يدنيه حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه، ثم أغمي عليه، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام)