فقالوا: جزاك الله من نبي خيرا، فلقد كنت لنا كالأب الرحيم، وكالأخ الناصح المشفق، أديت رسالات الله عزوجل، وأبلغتنا وحيه، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته.
فقال لهم: معاشر المسلمين أنشدكم بالله، وبحقي عليكم! من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني. فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثالثة: معاشر المسلمين! أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص في القيامة.
فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له: عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: فداك أبي وأمي لولا أنك نشدتنا بالله مرة بعد أخرى ما كنت بالذي أتقدم على شيء من هذا، كنت معك في غزاة، فلما فتح الله عزوجل علينا ونصر نبيه (صلى الله عليه وآله)، وكنا في الانصراف، حاذت ناقتي ناقتك، فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي، ولا أدري أكان عمدا منك، أم أردت ضرب الناقة؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعيذك بجلال الله أن يتعمدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالضرب، يا بلال انطلق إلى بيت فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق. فخرج بلال من المسجد يده على أم رأسه وهو ينادي: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي القصاص من نفسه!! فقرع الباب على فاطمة (عليها السلام) فقال: يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ناوليني القضيب الممشوق.
فقالت فاطمة (عليها السلام): يا بلال! وما يصنع أبي بالقضيب، وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة؟
فقال: يا فاطمة! ما أغفلك عما فيه أبو ك، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يودع الدين الناس ويفارق الدنيا ويعطي القصاص من نفسه!