يفسره قوله (صلى الله عليه وآله): " فلا تخونوا ".
" ولا تخونوا ولا تخذلوا ": ينهاهم عن الخيانة والخذلان وهما من الأوصاف الهدامة لبنيان الاجتماع، والمخربة لكل أمر صالح وسنة صالحة، وفي البداية والنهاية وسيرة ابن هشام: " ولا تخاذلوا " وكذا في الحلبي، وفي دحلان " ولا تجادلوا " وفي الأموال لأبي عبيد وعن ابن زنجويه " ولا تحادوا " بالمهملات.
الخيانة: عدم النصح مع الائتمان، وخان العهد نقضه.
الخذلان: ترك النصرة، وتخاذل القوم تدابروا وخذل بعضهم بعضا.
الجدال والمجادلة: المخاصمة الشديدة والمناظرة وطلب المغالبة به.
المحادة: المغاضبة والمعاداة والمنازعة، وهي مفاعلة من الحد كأن كل واحد منهما تجاوز حده إلى الآخر.
" فإن رسول الله مولى غنيكم وفقيركم " وفي البداية والنهاية وسيرة ابن هشام " ولي غنيكم وفقيركم " والولي والمولى بمعنى واحد، وهو من يتولى أمور آخر.
وهذه الجملة كالتعليل للنهي السابق يعني بعد ولاية رسول الله لغنيكم وفقيركم وله الأمر والنهي ونهيه إياكم عن التخاذل والتدابر والمحاداة والمجادلة يجب عليكم ترك هذه كلها أو بعد أن صرتم ملة واحدة تحت ولاية الله تعالى: * (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) * (1) فلا مجال للتخاذل والتدابر والمحاداة، لأن النفع والضر والعز والذل والعظمة والنجاة والهلكة واحدة تعود إلى ملة واحدة ومجتمع واحد.