وليس خلاف فاحش بين الرواة في لفظ الكتاب إلا ما في الطبقات، فإن لفظه:
" بلغني كتابك الكذب والافتراء على الله، وإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، والسلام على من اتبع الهدى " (1).
وفي نهاية الإرب:
" من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ".
بحث تأريخي:
قدم وفد بني حنيفة في سنة عشر (2) أو في سنة تسع (3) فيهم مسيلمة بن حبيب الكذاب، وكانوا يسترونه بالثياب تعظيما له، وكانت تلك عادتهم فيمن يعظمونه، وله عند قومه منزلة رفيعة، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في أصحابه ومعه عسيب من سعف النخل في رأسه خويصات، فلما انتهى مسيلمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مستور بالثياب كلم النبي (صلى الله عليه وآله) أن يشركه معه في النبوة.
فقال (صلى الله عليه وآله): لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه، وقيل: إن بني حنيفة أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلفوا مسيلمة في رحالهم، فلما أسلموا ذكروا مكانه، فقالوا:
يا رسول الله إنا خلفنا صاحبنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا، قال: فأمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمثل ما أمر به للقوم، وقال: أما أنه ليس بشركم مكانا.