الشرح:
كررنا ذكر هذا الكتاب بعد ما تقدم في ذيل كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى أبناء عبد كلال مع عدم اختلاف بينهما في اللفظ إلا قليلا.
وقد تكلم على هذا (الانضمام أو الاستقلال) في نشأة الدولة الاسلامية: 147 وما بعدها قال: وتنقسم هذه الوثيقة إلى جزأين: الجزء الأول منها موجه إلى الحارث ونعيم ابني عبد كلال والنعمان ذي رعين ومعافر وهمدان، والجزء الثاني موجه إلى زرعة ذي يزن، ومع أن القسمين يظهران كأجزاء من نص موحد في بعض المصادر إلا أن هناك من الدلالات ما يشير إلى أنهما وثيقتان مختلفتان، فذكر الأسماء في صدر كل منهما يدل على أن كلا منهما قد قصد به الأشخاص الذين وجه إليهم الخطاب، وإذا اعتبرنا الجزأين وثيقة واحدة، فإن النتيجة المترتبة على ذلك تحقير مركز زرعة والحط من مقامه، إذ يرد اسمه في الجزء الثاني، وبذلك يكون في أسفل الكتاب بدلا من أن يكون في صدر الكتاب مع الملوك الآخرين، والأثر الذي يذكر أن زرعة قد بعث مالك بن مرارة إلى النبي يقوم شاهدا يؤكد الفرض الذي يذهب إلى أن هذا الجزء من الوثيقة مستقل... هذه الوثيقة موجهة إلى زرعة ذي يزن أحد ملوك حمير وتركيبها على أي حال يكشف عن بعض الضعف في التماسك والتلاحم، فتبدو الجمل وكأنها تقف مستقلة عن بعضها بعضا، والإشارات إلى مواضيع محددة تفصل بينها إشارات إلى مواضع أخرى مغايرة، والرسل المبعوثون يذكرون في صدر الوثيقة ثم يشار إليهم في أسفلها، ويشار إلى الصدقة مرتين، وفي فقرات متباعدة، والعبارتان عن مالك بن مرارة تفصل بينهما فقرة تتحدث عن موضوع لا علاقة له بمالك...
أقول: والذي يبعد الاستقلال هو ذكر الصدقة في الكتاب وعدم ذكر أحكامها وحدودها كما ذكر في صدر الكتاب، وأما كون الانضمام دليلا على تحقير