وأن يتوكل عليه ويفوض أمره إليه، ولا يعتمد على الأسباب فيوكل إليها وتكون وبالا عليه، ولا على أحد من خلق الله تعالى، بل يلقي مقاليد أمره إلى الله تعالى في أمره ورزقه وغيرهما، يظهر عليه حينئذ من نفحات قدسه، ولحظات أنسه ما يقوم به أوده 1، ويحصل مطلبه، ويصلح به أمره. وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله:
أن الله تعالى قد تكفل لطالب العلم برزقه خاصة عما ضمنه لغيره 2.
بمعنى أن غيره يحتاج إلى السعي على الرزق حتى يحصل غالبا وطالب العلم لا يكلفه بذلك بل بالطلب، وكفاه مؤونة الرزق إن أحسن النية، وأخلص العزيمة.
وعندي في ذلك من الوقائع والدقائق ما لو جمعته بلغ ما يعلمه الله من حسن صنع الله تعالى بي وجميل معونته منذ اشتغلت بالعلم، وهو مبادئ عشر الثلاثين وتسع - مائة إلى يومي هذا، وهو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وتسع مائة.
وبالجملة فليس الخبر كالعيان.
وروى شيخنا المتقدم محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه بإسناده إلى الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم، وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار، فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلانا، فقال:
إذن والله لا تسعف حاجتك، ولا يبلغك أملك، ولا تنجح طلبتك. قلت:
وما علمك رحمك الله؟ قال: إن أبا عبد الله عليه السلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب:
أن الله تبارك وتعالى يقول: وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس، ولأنحينه من قربي،