الثالثة: نفي الاستطاعة ب " لن " المقتضية للنفي المؤبد على رأي جماعة من المحققين منهم الزمخشري، 1 وهو موجب لليأس منه، لوقوع الاخبار به من معلم متبوع صادق.
الرابعة: توكيد الجملة ب " إن "، وإسمية الجملة، والنفي ب " لن " وغيرها من المؤكدات، وهو غاية عظيمة في التعجيز والتضعيف الخامسة: الإشارة إلى أنك إن تخيل لك أنك صابر على حسب ما تجده من نفسك، فأنت لا تعلم حالك عند صحبتي، لأنك لم تصحبني بعد، والصبر الذي أنفيه عنك هو الصبر معي، وهذا أمر أنا أعلم به، لعلمي بمقدار ما تطلب تعلمه، وجهلك به.
السادسة: التنبيه على عظم قدر العلم وجلالة شأنه وتفخيم أمره، وأنه أمر يحتاج إلى الصبر العظيم، الخارج عن عادات البشر، إذ لا شك أن موسى كليم الله ونبيه أعظم شأنا وأكبر نفسا وأقوى صبرا وأعظم كمالا من غيره من الناس.
السابعة: التنبيه على أنه لا ينبغي أن يبذل العلم إلا لمن كان ذا صبر قوي، ورأي سوي، ونفس مستقيمة، فإنه نور من الله تعالى، لا ينبغي وضعه كيف اتفق، وبذله لمن أراد، بل لا بد من ممارسته قبل ذلك واختباره، وقابليته له بكل وجه.
الثامنة: التنبيه على أن علم الباطن أقوى مرتبة من علم الظاهر، وأحوج إلى قوة الجنان وعزيمة الصبر، فمن ثم كان موسى عليه السلام محيطا بعلم الظاهر على حسب استعداده، وحاملا له بقوة، وخوفه الخضر عليه السلام مع ذلك من عجزه من الصبر على تحمل العلم الباطني، وحذره من قلة الصبر، وأراد عليه السلام بهذه المبالغة في نفيه أنه مما يشق تحمله عليك، ويعسر تجشمه، على جهة التأكيد في أمثال هذه