لخدمته (1) فلا تتفرغ لفعلها الخاص بها فلم تتمكن من تركيب الصور وتشبيحها للحس الا انه ربما عجز أحدهما عن ضبطها فحينئذ تستولى المحسوسة فتشاهدها (2).
الرابعة - النوم شاغل للحس الظاهر شغلا ظاهرا وقد يكون شاغلا للنفس أيضا وذلك عند اشتغال الطبيعة بالهضم فان النفس تكون مظاهرة للقوة الهاضمة على ذلك ومعينة لها لما ثبت ان النفس عند اشتغالها بمهمها تقف سائر القوى عن أفعالها فلابد من مظاهرة النفس لها والا لما تم الهضم، وإذا اشتغلت النفس بذلك بقيت المتخيلة خاليه عن المدبر متمكنة من التلويح والتشبيح غير مضبوطة ولوح الحس خال مما يرد عليه من الصور الخارجية لتعطل الحواس حالة النوم، وإذا تم الفاعل والقابل وجد الفعل لا محالة فلا جرم صارت الصور مشاهدة في حال النوم.
الخامسة - النفس تقوى على عين ما أدركته وقد تضعف عن ضبط عينه فتنتقل إلى شبهه ومحاكيه من وجه ثم من ذلك المحاكى إلى محاكى المحاكى إلى أن تصل إلى ما لا يناسب المدرك الأول بوجه، وإنما يكون كذلك لاستيلاء المتخيلة وضعف النفس عن تصريفها كما ينبغي فإذا قويت النفس جدا لم يكن اصلاحها للبدن عائقا لها عن اتصالها بمباديها وانتقاشها بما هناك بل تكون وافية بالجانبين فلا يعوقها الالتفات إلى أحدهما عن الالتفات إلى الاخر فإذا انضم إلى ذلك كونها مرتاضة كان تحفظها عن مضادات الرياضة وتصرفها فيما يناسبها أتم.
وإذا عرفت هذه المقدمات فاعلم أن السبب في مشاهدة الصور في حال النوم والمرض هو ان النفس إذا اتصلت بالعقول الفعالة انتقشت بأمور فركبت المتخيلة صورا جزئية تناسب تلك المعقولات، ولوحت تلك الصور إلى الحس المشترك فصارت مشاهدة وقد يعرض للمتخيلة ضعف اما لمرض أو لتحلل الروح الحامل اما عن كثرة حركتها فتميل إلى الدعة فتقع للنفس فلتة منها فتتصل بالعالم العقلي فتنتقش بالجلايا القدسية فتنزعج المتخيلة إلى تشبيح ذلك المعنى العقلي بصورة جزئية لأنها بسبب