فأما من تأنس به وتستريح إليه وتلجئ أمورك إليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك، وميز عوامك وجرب الفريقين، فان رأيت هناك رشدا فشأنك وإياه، وإياك ان تعطى درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابة في غير ذات الله لشاعر أو مضحك أو ممتزح إلا أعطيت مثله في ذات الله ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأجناد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس وما أردت ان تصرفه في وجوه البر والنجاح والفطرة والصدقة والحج والمشرب والكسوة التي تصلى فيها وتصل بها والهدية التي تهديها إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وآله من أطيب كسبك يا عبد الله اجهد ان لا تكنز ذهبا ولا فضة فتكون من أهل هذه الآية " إن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم " ولا تستصغرن من حلو ولا من فضل طعام تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الرب تبارك وتعالى.
واعلم أنى سمعت أبي يحدث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه سمع عن النبي صلى الله عليه وآله يقول لأصحابه يوما: ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانا وجاره جائع، فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال: من فضل طعامكم، ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفئون بها غضب الرب.
وسأنبئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف والتابعين، ثم ذكر حديث زهد أمير المؤمنين عليه السلام في الدنيا وطلاقه لها " إلى أن قال: " وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة عن الصادق المصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فان أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله ان يتجافى عنك عز وجل بقدرته، يا عبد الله إياك