البحث الثالث (في المتولي للإخراج) يجوز للمالك أن يفرق زكاة ماله بنفسه، سواء الأموال الظاهرة والباطنة، لأنه عاقل في يده حق لغيره دفعه إليه فأجزاه، كما لو دفع الدين إلى غريمه.
لكن الأفضل صرفها إلى الإمام، لأنه أعرف بمواقعها، ولأنه بتفريق الإمام على يقين من سقوط الفرض، بخلاف ما لو فرق بنفسه، لجواز أن يسلم إلى من ليس بصفة الاستحقاق، خصوصا الأموال الظاهرة، وهو نائب المساكين.
والأقرب عدم الوجوب، لأصالة البراءة. نعم لو طلبها الإمام، وجب الصرف إليه بذلا للطاعة، ولقوله تعالى ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ (1) وهو يستلزم وجوب الاعطاء، ولأنه مال للإمام المطالبة به، فيجب دفعه إليه مع المطالبة كالخراج.
فإن فرقها المالك بعد طلب الإمام لها أثم، لأن مخالفة الإمام الواجب الطاعة من أعظم الكبائر. وهل يجزي الدفع؟ قولان: من حيث أنه عبادة لم تقع على الوجه المأمور به، فلا تقع مجزية. ومن حيث أنه أوصل المال إلى مستحقه، فخرج عن العهدة كالدين.
ويجوز أن يدفعها إلى العامل، لأن الإمام نصبه كذلك وهو وكيله.
ويجوز أن يدفعها إلى وكيل له في الصرف إلى الإمام، أو في التفرقة على المستحقين، حيث يحوز أن يصرف بنفسه، لأنه حق مالي، فيجوز التوكيل في أدائه كديون الآدميين. والتفرقة بنفسه أولى من التوكيل، لأنه على يقين من فعلل نفسه وفي شك من فعل الوكيل، ولينال أجر التفريق، وليخص بها أقاربه وجيرانه، وله على الوكيل غرم ما أتلف.
ولو امتنع من الدفع إلى الإمام، قاتله الإمام عليه السلام، فإن أجاب