البحث الرابع (في بيع الرطب باليابس) يجوز بيع الرطب بمثله، والعنب بمثله، ولا يعتبر حالهما عند الجفاف عند علمائنا، عملا بالأصل السالم عن معارضة التفاضل حالة العقد، ولأنه وجد التماثل فيهما في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقص، فجاز كبيع اللبن باللبن.
وكذا جميع الأشياء الرطبة بعضها ببعض، سواء كان لها حالة جفاف أو لا، كالرطب الذي لا يتمر، والعنب الذي لا يزيب، والبطيخ والكمثرى اللذين لا يعلفان، والرمان الحلو والباذنجان والبقول.
وكذا يجوز بيع اليابس بمثله. أما بيع الرطب منه باليابس مع اختلاف الجنس، فإنه جائز إجماعا يدا بيد، وفي النسية قولان.
وأما مع اتحاد الجنس كالرطب بالتمر والعنب بالزبيب فقولان لعلمائنا، التحريم لأنه عليه السلام سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، قال: فلا إذن (١) وقول الصادق عليه السلام: لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس والرطب رطب، فإذا يبس نقص (٢).
والكراهية، عملا بأصالة الإباحة، وعموم قوله تعالى ﴿وأحل الله البيع﴾ (3) وقول الصادق عليه السلام لما سئل عن العنب بالزبيب، قال: لا يصلح إلا مثلا بمثل، والتمر والرطب مثلا بمثل (4).
والأولى أصح طريقا، فإن منعناه فالعلة الرطوبة في أحدهما واليبوسة في الآخر، وحصول التفاوت عند الجفاف، وحينئذ تطرد العلة في كل متجانسين