البحث الخامس (في إباحة السفر) يشترط في القصر إباحة السفر، فلا يترخص العاصي بسفره، كالآبق، والعاق، والناشز، والغريم مع القدرة على الأداء، وقاطع الطريق، وطالب الزنا بامرأة، وطالب قتل من لا يستحق قتله، وتابع الجائر، وطالب الصيد لهوا وبطرا، وقاصد مال غيره، والخارج على إمام عادل، والخارج إلى بلد ليعمل فيه المعاصي.
لقوله تعالى ﴿فمن اضطر غير باغ ولا عاد﴾ (1) قال الصادق عليه السلام: الباغي باغي الصيد لهوا، والعادي السارق، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطر إليها، هي حرام عليهما، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين، فليس لهما أن يقصرا في الصلاة (2).
ولأن الرخصة (3) ثبت تخفيفا وإعانة على السفر، ولا سبيل إلى إعانة العاصي فيما هو عاص به.
ولا يشترط انتفاء المعصية في سفره، فلو كان يشرب الخمر في طريقه ويزني ترخص، إذ لا تعلق للمعصية بما هو سبب الرخصة، فلا يمنع من السفر، وإنما يمنع من المعصية. ولو كانت المعصية جزءا من داعي السفر لم يترخص، كما لو كانت كل الداعي.
ولو أحدث نية المعصية بعد السفر مباحا، انقطع ترخصه، لأنها لو قارنت الابتداء لم تفد الرخصة، فإذا طرأت قطعت كنية الإقامة.
ولو انعكس الفرض، فأنشأ السفر على قصد معصية، ثم تاب وبدل قصده من غير تغيير صوب السفر به، ترخص حينئذ إن كان منه إلى مقصده مسافة القصر وإلا فلا.