البحث الحادي عشر (في بقايا مسائل بيع الغرر والمجازفة) الأول: قد سبق أنه لا يجوز بيع ما يدخل الكيل أو الوزن جزافا، بل يجب أن يكون معلوما بمقداره. فإن بيع جزافا بطل عندنا، لأنه غرر، ولقول الصادق عليه السلام: ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة (1).
ولو بيع المكيل ببعضه ببعض بالوزن، فإن اتحد الجنس والصنف، فالوجه الجواز، كما لو باع مائة رطل حنطة بمائة رطل حنطة. ولو أدى إلى الربا، لم يجز، كما لو كان أحدهما أخف من الآخر. وكذا لو تعدد الصنف، كما لو باع مائة رطل حنطة بمائة رطل دقيق. ولو بيع بغير جنسه، جاز بيعه وزنا.
وأما ما يباع وزنا، فلا يجوز بيعه مكيلا، سواء اتحد الجنس أو اختلف، حذرا من الربا أو الغرر بالجهالة.
الثاني: لو تعذر كيل ما يباع كيلا، أو وزن ما يباع بالوزن لكثرته، جاز أن يكال منه أو يوزن مكيال، ثم يعتبر وزنه أو كيله وتؤخذ الباقي بالحساب، لانتفاء الغرر حينئذ وحصول العلم بالمقدار. ولأن الصادق عليه السلام سئل عن الرجل يشتري مبيعا فيه كيل أو وزن، يعتبره ثم يأخذه على نحو ما فيه، قال: لا بأس (2). وسئل الصادق عليه السلام عن رجل اشترى مائة رواية زيتا فاعترض راوية أو اثنتين فاتزنهما ثم أخذ سائره على قدر ذلك، فقال:
لا بأس (3).
الثالث: ما يباع بالعدد لا يجوز بيعه جزافا، حذرا من الغرر، بل يجب عده فإن تعذر لكثرته، جاز أن يكال منه أو يوزن مكيال ويعد ويأخذ الباقي بحسابه، لحصول العلم بالمقدار. ولما روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الجوز لا يستطيع أن يعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي على