قيمة كثيرة في مختلف أبواب الفقه وأصوله، وتلاحقت آرائهم العلمية ونظراتهم جيلا بعد جيل حتى انتهت إلى يومنا هذا، فاخذ علوم الدين ولا سيما الفقه عندهم يتسع نطاقها كل يوم، فها نحن قد ورثنا اليوم من أصحابنا الأقدمين وعلمائنا الأكابر المتأخرين مئات، لا بل آلاف من الكتب القيمة في الفقه وأصوله والحديث ورجاله، بها تنكشف النقاب عن غوامض مسائلها، وتهدى رواد العلم إلى مكنون حقايقها، فشكر الله سعيهم واجزل اجرهم، وجزاهم عنا وعن الاسلام خير الجزاء.
لكن مع الأسف!
لكن مع الأسف لم يخل هذا النجاح العلمي العظيم عن نواقص لا يستهان بها، نشأت عن افراط في بعض الجوانب وتفريط في اخر، حيث انا نرى اليوم مسائل كثيرة، لا تترتب عليها اية فائدة يعبأ بها، قد اختلطت بالمسائل النافعة، لا سيما في أصول الفقه، بل الفقه نفسه لم يخل منها.
ومن العجب ان هذه المسائل تتزايد كل يوم، تحت عنوان بسط العلم وتحقيق الحقيقة، بما ينذر عن مستقبل مظلم!.
فنرى في (أصول الفقه) الذي هو من هم أركان الاجتهاد واستنباط الأحكام الفرعية عن مداركها، مباحث لا طائل تحتها أصلا أو قليل الفائدة جدا، لا تليق بتلك الأبحاث الطويلة، كالبحث الطويل عن المعاني الحرفية، وبعض أبحاث المشتق، وبعض أبحاث مقدمة الواجب، وكثير من مباحث الانسداد، والبحث عما يرد على التعاريف من النقوض، من اعترافهم بأنها تعاريف شرح اسمية لا حدود حقيقية.
ونرى في الفقه البحث عن فروع نادرة جدا، لو لم يكن الابتلاء بها محالا عادة، ككثير من فروع العلم الاجمالي التي تذكر في الفقه تارة وفى الأصول أخرى، وكالبحث المشهور عن وجوب القسمة على النبي صلى الله عليه وآله بين أزواجه وعن وظائف الإمام عند ظهوره، وحكم دمه وغيره، وكالبحث عن خلق الساعة، أي من خلق بالغا دفعتا، هل يحتاج إلى الوضوء لصلوته أم لا، إلى غير ذلك مما يطلع عليه الخبير في كثير من أبواب الفقه.