الظاهر هو الأول.
بيان ذلك: أنهم وإن ذكروا للقول الأول أدلة متعددة من التمسك بقاعدة لا ضرر تارة وفوت سلطنة المالك أخرى وكون الغاصب حائلا بين المال ومالكه ثالثة وغيرها، ولكن لا يخفى على الناقد البصير عدم صحة تلك الأدلة كلها فلا وجه لذكرها والرد عليها فإنه تطويل بلا طائل.
فلنذكر ما هو العمدة في المقام وهو أن قوله صلى الله عليه وآله: (وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه) - كما بينا فيما تقدم - يدل على ما هو المتفاهم العرفي منه على أن العين المأخوذة بدون إذن المالك ورضاه ثابتة ومستقرة في عالم الاعتبار التشريعي على عهدة المالك بجميع خصوصياتها الشخصية وعوارضها النوعية وصفاتها وماليتها كما أن الامر كذلك عند العقلاء أيضا فإن لكل عين متمولة خارجية لها وجود اعتباري عندهم على عهدة من غصبها.
وإن شئت قلت: إن ما يقع تحت اليد غير المأذونة بوجوده الخارجي من الأموال يستقر بوجوده الاعتباري - أي في عالم الاعتبار - فوق اليد أي على عهدة الغاصب وما يعبرون عنه بالعهدة أو بالذمة ليس إلا اعتبار من طرف العقلاء أو من طرف الشارع أو من كليهما. فإذا كان الامر كذلك فيجب تكليفا ووضعا رد الجهات الثلاث مع الامكان وعند تلف العين يجب رد الجهتين الأخريين كما ذكرنا مفصلا.
وأما إن كانت العين باقية ولكن تعذر أو تعسر ردها فحيث يسقط التكليف برد نفس العين للتعذر أو التعسر فيدور الامر بين أن يسقط عن رد جميع الجهات الثلاث أو يبقى بالنسبة إلى الجهتين الباقيتين إن كان مثليا والجهة الواحدة الباقية إن كان قيميا.
ولا وجه للأول، لأنه بلا دليل بل الدليل على عدمه وهو قوله صلى الله عليه وآله: (وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه) الذي قلنا إنه يدل على استقرار الجهات الثلاث في العهدة