تحصيله مطلقا حتى مع التعب الشديد وصرف المال الكثير أولا بل المراد منه عدم سهولة تحصيله من جهة قلة وجوده أو كونه في بلد بعيد يصعب عليه جلبه من ذلك البلد؟
أقول: المناط في أبواب الضمانات والغرامات حسب الارتكاز العرفي في الانتقال من الدرجة الثانية إلى الثالثة عدم التمكن من تحصيله عرفا فإذا حصل التعذر بهذا المعنى فيجب عليه دفع القيمة بمعنى أنه ليس للمالك إلزامه بإعطاء المثل ولو كان يجلبه من البلد البعيد وتحمل المشقة أو صرف المال الكثير فإن العرف يرى وجود المثل في هذه الصورة كالعدم فيفهم من أدلة الضمان وجوب أداء القيمة.
الثاني: أن حكم تعذر المثل هو حكم تلف العين أو حكم تعذر العين؟ فإن كان هو الأول فقهرا ينتقل ما في الذمة من كونه مثلا إلى القيمة كما أن العين إذا وقع عليها التلف ينتقل الضمان من العين إلى بدلها من المثل أو القيمة كل واحد منهما في مورده.
أما إن كان مثل تعذر العين فكما أن في تعذرها لا ينتقل الضمان إلى البدل ما دامت العين موجودة - غاية الأمر على الغاصب إعطاء بدل الحيلولة لا بدل نفس العين - فكذلك هاهنا لا ينتفل الضمان إلى القيمة بل المثل باق على عهدة الغاصب إلى زمان الأداء.
ولكن يمكن أن يقال: إن قياس تعذر المثل بتعذر العين لا وجه له، لأن العين مع وجودها وبقائها لا وجه لخروجها عن ملك مالكها، لان تعذر الوصول إلى الملك ليس مما يوجب سقوط الملكية فمع بقاء عين ماله في ملكه لا معنى لاخذ بدله الواقعي، لأنه من الجمع بين البدل والمبدل فلو قلنا بلزوم تدارك ما فات من المالك لا بد أن يكون بدل حيلولته بين المال ومالكه.
وأما فيما نحن فيه فبعد تلف العين قلنا إن المرتكز العرفي - فيما إذا قيل إن الذمة مشغولة ولا يرتفع بعد تلفها إلا بأداء ما أخذه - أن عليه أداء ما أخذه بالمثل إن كان