المرتكزات العرفية وعند العقلاء في أبواب الضمانات والغرامات.
بل عندي أن لزوم إعطاء المثل وعدم جواز إلزام المالك للضامن بالقيمة في المثليات الصناعية أولى وأرجح من المثليات الطبيعية والمجعولات الإلهية وما لم تدخل في صنعة أيدي البشرية، وذلك من جهة أن الأخير ربما يكون بعض الاختلاف غالبا بين أفراد ذلك النوع من حيث الشكل والكبر والصغر فلو أن أحدا غصب أربع حبات حنطة أو حمصة أو غير ذلك من الحبوب فالاختلاف بين الحبوب التالفة وبين ما يعطى الغاصب بعنوان الغرامة أزيد من الاختلاف بين استكان التالف المغصوب مع ما يعطى الغاصب بعنوان الغرامة من نفس الماركة.
بل عبارة شيخنا الأعظم الأنصاري قدس سره في مقام تعريف المثلى (بأنه ما لا تتميز أفراده بعد الاختلاط أو الامتزاج) (1) انطباقه على المثليات الصناعية أوفق من الطبيعية، لقلة الاختلاف في الأول.
هذا بحسب المرتكزات العرفية وكون مدرك المثل في المثليات هو فهم العرف من أدلة الضمان ذلك.
وأما لو كان مدركه الاجماع فيمكن أن يفرق بين المثلين ولكن دعواه عجيب بحيث ينتهى إلى المعصوم قولا أو فعلا أو تقريرا، وذلك لعدم المكائن في تلك الأعصار وأما ما كان من صنع اليد في تلك الأزمنة فالاختلاف بينها كانت كثيرة فلا يجوز إجراء حكم ما كان يصنع باليد في تلك الأزمنة على ما يصنع بالمكائن في هذا العصر.
وإنما طولنا البحث في المقام لأجل كثرة الاحتياج والابتلاء في هذا العصر بالصناعيات والضمان والغرامات فيها.
إذا عرفت ما ذكرنا في أن مقتضى قاعدة (وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه) هو