فيخزنون الحنطة مثلا ويجعلونها منحصرة بما عندهم ثم لا يبيعونها إلا بما هو أضعاف قيمتها لولا هذا الاختزان.
فالانصاف: أن في مثل هذا الصورة مقتضى ما ذكرنا من الارتكاز العرفي هو لزوم تفريغ ذمته وأداء ما أخذته يده بالمثل ويجب شراؤه وإن كان بأضعاف قيمته.
وهذا بعنوانه الأولى ولكن بعنوان أن وجوب الشراء في مثل هذه الصورة ضرري والحكم الضرري منفي في الاسلام فذلك أمر آخر ولا بد من الملاحظة والدقة في أن مثل هذه الموارد هل من موارد جريان قاعدة لا ضرر أو ليس كذلك.
وفيه كلام طويل وقد بحثنا عن هذا القاعدة ومفادها ومدركها وموارد جريانها في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وإجماله: أن مفاد القاعدة هو نفي الحكم الضرري بحيث يكون عنوان أنه ضرري عنوانا ثانويا لذلك الحكم فالحكم الذي لا يترتب عليه ضرر أصلا خارج عن تحت هذه القاعدة والحكم الذي يكون طبعه مقتضيا للضرر أيضا كذلك كالجهاد أو الخمس أو الزكاة والحج بالنسبة إلى الزاد والراحة فهذه الموارد كلها خارجة عن تحت هذه القاعدة.
فمورد القاعدة هو فيما إذا كان الحكم بحسب طبعه لا يقتضي الضرر ولكن قد يتفق لجهات خارجية ترتب الضرر عليه سواء كان ذلك الضرر بدنيا أو ماليا أو اعتباريا ففي مثل ذلك المورد تكون هذه القاعدة حاكمة على عموم الدليل الأولى أو إطلاقه ويخصصه أو يقيده بغير مورد ترتب الضرر.
فلو نذر أن يطعم زيدا - مثلا - إن صار كذا فيتنجز نذره بوجود المعلق عليه فيجب عليه الوفاء بنذره وشراء الطعام من السوق وإن كان هذا الشراء ضررا ماليا عليه. والقاعدة لا ترفع هذا الوجوب لان هذا الضرر مقتضى طبع وجوب الوفاء بالنذر في الماليات وفي المفروض من المورد لو ترقى قيمة اللحم ترقيا فاحشا في