ذلك)، مما جرت به عادة أهل الحرب. قال عمر: يا سارية الجبل فانحازوا إليه وانتصروا على عدوهم. (أو متحيزين إلى فئة ناصرة تقاتل معهم، ولو بعدت) لعموم قوله تعالى: * (أو متحيزا إلى فئة) *، (قال القاضي: لو كانت الفئة بخراسان، والفئة بالحجاز. لجاز التحيز إليها) لحديث ابن عمر: أن النبي (ص) قال: إني فئة لكم وكانوا بمكان بعيد منه. وقال عمر: أنا فئة لكل مسلم. وكان بالمدينة وجيوشه بالشام والعراق، وخراسان. رواهما سعيد. (وإن زادوا على مثليهم فلهم الفرار) قال ابن عباس: لما نزلت * (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) * (الأنفال: 65). مشق ذلك على المسلمين، حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة.
ثم جاء التخفيف، فقال: * (الآن خفف الله عنكم) * الآية فلما خفف عنهم من العدد، نقص من الصبر بقدر ما خفف من القدر رواه أبو داود. وظاهره: إنه يجوز لهم الفرار مع أدنى زيارة، (وهو) أي الفرار (أولى) من الثبات (إن ظنوا التلف بتركه) أي الفرار، وأطلق ابن عقيل: استحباب الثبات للزائد، لما في ذلك من المصلحة. (وإن ظنوا الظفر فالثبات أولى) من الفرار (بل يستحب) الثبات لاعلاء كلمة الله، ولم يجب لأنهم لا يأمنون العطب. (كما لو ظنوا الهلاك فيهما) أي في الفرار والثبات، (فيستحب الثبات وأن يقاتلوا، ولا يستأسروا.
قال) الامام (أحمد: ما يعجبني أن يستأسروا. وقال: يقاتل أحب إلي، الأسر شديد، ولا بد من الموت. وقال: يقاتل، ولو أعطوه الأمان، قد لا يفوا. وإن استأسروا جاز) قال في البلغة وغيرها: وقال عمار: من استأسر برئت منه الذمة. فلهذا قال الآجري: يأثم، وأنه قول أحمد ( فإن جاء العدو بلدا فلأهله التحصن منهم، وإن كانوا) أي أهل الحصن (أكثر من نصفهم، ليلحقهم مدد أو قوة) ولا يكون ذلك توليا ولا فرارا. إنما التولي بعد اللقاء. (وإن لقوهم خارج الحصن فلهم التحيز إلى الحصن) ليلحقهم مدد، أو قو. لأنه بمنزلة التحرف للقتال أو التحيز لفئة. (وإن غزوا فذهبت دوابهم) لشر وأو قتل (فليس ذلك عذرا في الفرار) إذ القتال ممكن