عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله أجاهد؟ فقال: لك أبوان؟
قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد وروى البخاري معناه من حديث ابن عمر. وروى أبو داود عن أبي سعيد: أن رجلا هاجر إلى النبي (ص) من اليمن فقال: هل لك أحد باليمن؟ فقال:
أبواي، فقال: أذنا لك؟ قال. لا، قال: فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما. ولان برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، والأول مقدم. (إلا أن يتعين عليه) الجهاد لحضور الصف، أو حصر العدو، أو استنفار الامام له ونحوه. (فيسقط إذنهما وإذن غريم) لأنه يصير فرض عين، وتركه معصية. (لكن يستحب للمديون أن لا يتعرض لمكان القتل من المبارزة والوقوف في أول المقاتلة) لأن فيه تغريرا بتفويت الحق، (ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة، كتعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام، ونحو ذلك، وإن لم يحصل ذلك) أي ما وجب عليه من العلم (ببلده فله السفر لطلبه بلا إذنهما) أي أبويه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. (ولا إذن لجد، ولا جدة) لظاهر الاخبار، ولا للكافرين، لفعل الصحابة، ولا لرقيقين، لعدم الولاية، ولا لمجنونين لأنه لا حكم لقولهما. (فإن خرج في جهاد تطوع بإذنهما ثم منعاه منه بعد سيره وقبل تعيينه عليه. فعليه الرجوع) لأنه معنى لو وجد في الابتداء منع، فمنع إذا وجد في أثنائه كسائر الموانع. (إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع، أو يحدث له عذر من مرض ونحوه. فإن أمكنه الإقامة في الطريق) أقام حتى يقدر على الرجوع، فيرجع، (وإلا مضى مع الجيش. وإذا حضر الصف تعين عليه لحضوره، وسقط إذنهما وإن كان رجوعهما عن الاذن بعد تعيين الجهاد عليه. لم يؤثر شيئا) لعدم اعتبار الاذن إذن. (وإن كانا) أي الأبوان (كافرين، فأسلما ثم منعاه. كان كمنعهما بعد إذنهما) على ما تقدم