حيث ترك العدو القريب والمجئ إلى البعيد. وحمل على أنه متبرع بالجهاد والكفاية حاصلة بغيره، لكن يؤيده حديث أم خلاد من قوله (ص) لها: إن ابنك له أجر شهيدين.
قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب رواه أبو داود. (ويقاتل من تقبل منهم الجزية) وهم أهل الكتاب والمجوس، (حتى يسلموا) لحديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله. (أو يبذلوا الجزية) بشرطه، لقوله تعالى: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) * الآية (و) يقاتل (من لا تقبل منهم) الجزية (حتى يسلموا) للحديث السابق، خص منه أهل الكتاب للآية، والمجوس: لاخذه (ص) الجزية من مجوس هجر. وبقي من عداهم (فإن امتنعوا من ذلك) أي من بذل الجزية، حيث تقبل منهم، ومن الاسلام، (وضعف المسلمون عن قتالهم انصرفوا) عن الكفار بلا قتال. لما تقدم من مصالحته (ص) قريشا على ترك القتال عشر سنين. (إلا إن خيف على من يليهم) أي الكفار (من المسلمين) فلا ينصرفون عنهم، لئلا يسلطوهم على المسلمين. (وتسن الدعوة) أي دعوة الكفار إلى الاسلام. (قبل القتال لمن بلغته) أي الدعوة، قطعا لحجته. (ويحرم) القتال (قبلها) أي الدعوة (لمن لم تبلغه) الدعوة لحديث بريدة قال: كان النبي (ص) إذا بعث أميرا على سرية أو جيش.
أمره بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين. وقال: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: أدعهم إلى الاسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم رواه مسلم. (وقيد) أبو عبد الله محمد شمس الدين (ابن القيم وجوبها) أي الدعوة لمن لم تبلغه (واستحبابها) لمن بلغته