فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر، كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون. لن ينال الله لحومها ولا ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم، كذلك سخرناها لكم لتكبروا الله على ما هداكم، وبشر المحسنين)..
ويخص البدن بالذكر لأنها أعظم الهدي، فيقرر أن الله أراد بها الخير لهم، فجعل فيها خيرا وهي حية، تركب وتحلب، وهي ذبيحة تهدى وتطعم، فجزاء ما جعلها الله خيرا لهم أن يذكروا اسم الله عليها ويتوجهوا بها إليه، وهي تهيأ للنحر بصف أقدامها: (فإذا وجبت جنوبها) وأطمأنت على الأرض بموتها أكل منها أصحابها، استحبابا، وأطعموا منها الفقير القانع - الذي لا يسأل - والفقير المعتر - الذي يتعرض للسؤال.
فلهذا سخرها الله للناس ليشكروه على ما قدر لهم فيها من الخير حية وذبيحة: (كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون).. وحين يؤمرون بنحرها باسم الله (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) فإن اللحوم والدماء لا تصل إلى الله سبحانه، إنما تصل إليه تقوى القلوب وتوجهاتها - لا كما كان مشركوا قريش يلطخون أوثانهم وآلهتهم بدماء الأضحيات على طريقة الشرك المنحرفة الغليظة! (كذلك سخرناها لكم لتكبروا الله على ما هداكم).
فقد هداكم إلى توحيده وحقيقة الصلة بين العمل والاتجاه. (وبشر المحسنين) الذين يحسنون التصور، ويحسنون الشعور، ويحسنون العبادة، ويحسنون الصلة بالله في كل نشاط الحياة.
هكذا علم الإسلام المسلم أنه لا يخطوا في حياته خطوة، ولا يتحرك في ليله أو نهاره حركة، إلا وهو ينظر فيها إلى الله. ويجيش قلبه بتقواه ويتطلع فيها إلى وجهه ورضاه.