الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة رضي الله عنهم ومن سلك مسلكهم في تأسيس قواعد، وبه يمتازون عن غيرهم الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبي حنيفة، والقادرين على استخراج الاحكام من الأدلة على مقتضى القواعد التي قررها أستاذهم أبو حنيفة في الاحكام وإن خالفوه في بعض أحكام الفروع، لكن يقلدونه في قواعد الأصول، وبه يمتازون عن المعارضين في المذهب كالشافعي وعيره المخالفين له في الاحكام غير مقلدين له في الأصول.
الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل التي لا نص فيها عن صاحب المذهب، كالخصاف، وأبي جعفر الطحاوي، وأبي الحسن الكرخي، وشمس الأئمة الحلواني، وشمس الأئمة السرخسي.
وفخر الاسلام البزدوي، وفخر الدين قاضيخان وأمثالهم، فإنهم لا يقدورن على شئ من المخالفة لا في الأصول ولا في الفروع، لكنهم يستنبطون الاحكام في المسائل التي لا نص فيها على حسب الأصول والقواعد الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كالرازي وأضرابه، فإنهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلا، لكنهم لاحاطتهم بالأصول وضبطهم للمأخذ يقدرون على تفضيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم مبهم محتمل لامرين، منقول عن صاحب المذهب أو أحد من أصحابه برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع. وما في الهداية من قوله كذا في تخريج الرازي من هذا القبيل.
الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين، كأبي الحسن القدوري، وصاحب الهداية وأمثالهما، وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض، كقولهم هذا أولى، وهذا أصح رواية، وهذا أرفق للناس والسادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب والرواية النادرة، كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين، مثل صاحب الكنز، وصاحب المختار، وصاحب الوقاية، وصاحب المجمع، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.
والسابعة: طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرقون بين الغث والسمين اه.
بنوع اختصار. قوله: (وأما نحن) يعني أهل الطبقة السابعة، وهذا مع السؤال والجواب مأخوذ من تصحيح الشيخ قاسم. قوله: (كما لو أفتوا في حياتهم) أي كما نتبعهم لو كانوا أحياء وأفتونا بذلك، فإنه لا يسعنا مخالفتهم. قوله: (بلا ترجيح) أي صريح أو ضمني، فالصريح ظاهر مما ذكره سابقا. والضمني ما نبهناك عليه عند قوله وفي وقف البحر، فإنه إذا كان أحد القولين ظاهر الرواية والاخر غيرها فقد صرحوا إجمالا بأنه لا يعدل عن ظاهر الرواية، فهو ترجيح ضمني لكل ما كان ظاهر الرواية فلا يعدل عنه بلا ترجيح صريح لمقابلة، وكذا لو كان أحد القولين في المتون أو الشروح، أو كان قول الإمام، أو كان هو الاستحسان في غير ما استثني، أو كان أنفع الوقف. قوله: (وما قوي