تغييرا يكون اعتقاده كفرا يفسد في جميع ذلك، سواء كان في القرآن أو لا، إلا ما كان من تبديل الجمل مفصولا بوقف تام وإن لم يكن التغيير كذلك، فإن لم يكن مثله في القرآن والمعنى بعيد متغير تغييرا فاحشا يفسد أيضا، كهذا الغبار مكان هذا الغراب، وكذا إذا لم يكن مثله في القرآن ولا معنى له كالسرائل مكان السرائر، وإن كان مثله في القرآن والمعنى بعيد ولم يكن متغيرا فاحشا تفسد أيضا عند أبي حنيفة ومحمد، وهو الأحوط. وقال بعض المشايخ: لا تفسد لعموم البلوى وهو قول أبي يوسف، وإن لم يكن مثله في القرآن ولكن لم يتغير به المعنى نحو قيامين مكان قوامية فالخلاف على العكس، فالمعتبر في عدم الفساد عند عدم تغير المعنى كثيرا وجود المثل في القرآن عنده والموافقة في المعنى عندهما، فهذه قواعد الأئمة المتقدمين. وأما المتأخرون كابن مقاتل وابن سلام وإسماعيل الزاهد وأبي بكر البلخي والهندواني وابن الفضل والحلواني، فاتفقوا على أن الخطأ في الاعراب لا يفسد مطلقا ولو اعتقاده كفرا لان أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الاعراب. قال قاضيخان: وما قاله المتأخرون أوسع، وما قاله المتقدمون أحوط، وإن كان الخطأ بإبدال حرف بحرف، فإن أمكن الفصل بينهما بلا كلفة كالصاد مع الطاء بأن قرأ الطالحات مكان الصالحات فاتفقوا على أنه مفسد، وإن لم يمكن إلا بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين فأكثرهم على عدم الفساد لعموم البلوى. وبعضهم يعتبر عسر الفصل بين الحرفين وعدمه. وبعضهم قرب المخرج وعدمه، ولكن الفروع غير منضبطة على شئ من ذلك، فالأولى الاخذ فيه بقول المتقدمين لانضباط قواعدهم وكون قولهم أحوط وأكثر الفروع المذكورة في الفتاوى منزلة عليه ا ه. ونحوه في الفتح، وسيأتي تمامه قوله: (فلو في إعراب) ككسر قواما مكان فتحها، وفتح باء نعبد مكان ضمها ومثال ما يغير * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * (فاطر: 82) بضم هاء الجلالة وفتح همزة العلماء، وهو مفسد عند المتقدمين.
واختلف المتأخرون، فذهب ابن مقاتل ومن معه إلى أنه لا يفسد، والأول أحوط وهذا أوسع، كذا في زاد الفقير لابن الهمام، وكذا: * (وعصى آدم ربه) * (طه: 121) بنصب الأول ورفع الثاني يفسد عند العامة، وكذا * (فساء مطر المنذرين) * (الشعراء: 371) بكسر الذال - وإياك نعبد - بكسر الكاف و - المصور - بفتح الواو، إلا إذا نصب الراء (1) أوقف عليها. وفي النوازل: لا تفسد في الكل، وبه يفتى. بزازية وخلاصة قوله: (أو تخفيف مشدد) قال في البزازية: إن لم يغير المعنى نحو * (قتلوا تقتيلا) * (الأحزاب: 16) لا يفسد، وإن غير نحو * (برب الناس) * (الناس: 1) * (وظللنا عليهم الغمام) * (الأعراف: 061) * (إن النفس لامارة بالسوء) * (يوسف: 35) واختلفوا، والعامة على أنه يفسد ا ه. وفي الفتح: عامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد كالخطأ في الاعراب، فلذا قال كثير بالفساد في تخفيف - رب العالمين - و - إياك نعبد - لان إيا مخففا الشمس، والأصح لا يفسد، وهو لغة قليلة في إيا المشددة. وعلى قول المتأخرين لا يحتاج إلى هذا، وبناء على هذا - أفسدوها - بمد همزة أكبر على ما تقدم ا ه. قوله: (وعكسه) قال في شرح المنية: وحكم تشديد المخفف كحكم عكسه في الخلاف والتفصيل، فلو قرأ - أفعيينا - بالتشديد أو - اهدنا الصراط - بإظهار اللام لا تفسد ا ه. أقول: وجزم في البزازية بالفساد إذا شدد - فأولئك هم العادون -