يزيد كرها ذلك لان فيه تشبها بالرهبان، فقال: كان رسول الله (ص) يلبس النعال التي لها شعر، وإنها من لباس الرهبان، فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا يضر، فإن الأرض مما لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع. ا ه. وفيه إشارة أيضا إلى أن المراد بالتشبه أصل الفعل: أي صورة المشابهة بلا قصد. قوله: (ليس من أعمالها) احتراز عما لو زاد ركوعا أو سجودا مثلا فإنه عمل كثير غير مفسد لكونه منها غير أنه يرفض، لان هذا سبيل ما دون الركعة ط.
قلت: والظاهر الاستغناء عن هذا القيد على تعريف العمل الكثير بما ذكره المصنف. تأمل قوله: (ولا لاصلاحها) خرج به الوضوء والمشي لسبق الحدث فإنهما لا يفسدانها ط. قلت: وينبغي أن يزاد: ولا فعل لعذر احترازا عن قتل الحية أو العقرب بعمل كثير على أحد القولين كما يأتي، إلا أن يقال: إنه لاصلاحها، لان تركه قد يؤدي إلى إفسادها. تأمل. قوله: (وفيه أقوال خمسة أصحها ما لا يشك الخ) صححه في البدائع، وتابعه الزيلعي والولوالجي. وفي المحيط أنه الأحسن. وقال الصدر الشهيد: إنه الصواب. وفي الخانية والخلاصة: إنه اختيار العامة. وقال في المحيط وغيره:
رواه الثلجي عن أصحابنا. حلية.
القول الثاني: أن ما يعمل عادة باليدين كثير وإن عمل بواحدة كالتعمم وشد السراويل، وما عمل بواحدة قليل وإن عمل بهما كحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها إلا إذا تكرر ثلاثا متوالية، وضعفه في البحر بأنه قاصر عن إفادة ما لا يعمل باليد كالمضغ والتقبيل.
الثالث: الحركات الثلاث المتوالية كثير، وإلا فقليل.
الرابع: ما يكون مقصودا للفاعل بأن يفرد له مجلسا على حده. قال في التاترخانية: وهذا القائل يستدل بامرأة صلت فلمسها زوجها أو قبلها بشهوة، أو مص صبي ثديها وخرج اللبن تفسد صلاتها.
الخامس: التفويض إلى رأي المصلي، فإن استكثره فكثير، وإلا فقليل. قال القهستاني: وهو شامل للكل وأقرب إلى قول أبي حنيفة، فإنه لم يقدر في مثله بل يفوض إلى رأي المبتلى ا ه. قال في شرح المنية: ولكنه غير مضبوط، وتفويض مثله إلى العوام مما لا ينبغي، وأكثر الفروع أو جميعها مفرع على الأولين. والظاهر أن ثانيهما ليس خارجا عن الأول، لان ما يقام باليدين عادة يغلب ظن الناظر أنه ليس في الصلاة، وكذا قول من اعتبر التكرار ثلاثا متوالية فإنه يغلب الظن بذلك، فلذا اختاره جمهور المشايخ ا ه. قوله: (ما لا يشك الخ) أي عمل لا يشك: أي بل يظن ظنا غالبا. شرح المنية. وما بمعنى عمل، والضمير في بسببه عائد إليه، والناظر فاعل يشك والمراد به من ليس له علم بشروع المصلي بالصلاة كما في الحلية والبحر. وفي قول الشارح من بعيد تبعا للبدائع والنهر إشارة إليه، لان القريب لا يخفى عليه الحال عادة، فافهم. قوله: (وإن شك) أي اشتبه عليه وتردد قوله: (لكنه يشكل بمسألة المس والتقبيل) أي ما لو مس المصلية بشهوة أو قبلها بدونها فإن صلاتها تفسد، ولم يوجد منها فعل كما سيأتي في الفروع مع جوابه، وأصل الاستشكال لصاحب الحلية وتبعه في البحر، فليس المراد صلاة المقبل والماس، فإنه لا يخفى فسادها على أحد من