وفي البدائع بعد حكايته القول الثاني: وعلى هذا لو صلى على حجر الرحى أو باب أو بساط غليظ أو مكعب أعلاه طاهر وباطنه نجس: عند أبي يوسف لا يجوز نظرا إلى اتحاد المحل، فاستوى ظاهره وباطنه كالثوب الصفيق. وعند محمد يجوز لأنه صلى في موضع طاهر كثوب طاهر تحته ثوب نجس، بخلاف الثوب الصفيق لأن الظاهر نفاذ الرطوبة إلى الوجه الآخر ا ه. وظاهره ترجيح قول محمد وهو الأشبه. ورجح في الخانية في مسألة الثوب قول أبي يوسف بأنه أقرب إلى الاحتياط، وتمامه في الحلية. وذكر في المنية وشرحها: إذا كانت النجاسة على باطن اللبنة أو الآجرة وصلى على ظاهرها جاز، وكذا الخشبة إن كانت غليظة بحيث يمكن أن تنشر نصفين فيما بين الوجه الذي فيه النجاسة والوجه الآخر وإلا فلا ا ه. وذكر في الحلية أن مسألة اللبنة والآجرة على الاختلاف المار بينهما، وأنه في الخانية جزم بالجواز، وهو إشارة إلى اختياره، وهو حسن متجه، وكذا مسألة الخشبة على الاختلاف، وأن الأشبه الجواز عليها مطلقا، ثم أيده بأوجه، فراجعه قوله: (ومبسوط على نجس الخ) قال في المنية: وإذا أصابت الأرض نجاسة ففرشها بطين أو جص فصلى عليها جاز، وليس هذا كالثوب، ولو فرشها بالتراب ولم يطين، إن كان التراب قليلا بحيث لو استشمه يجد رائحة النجاسة لا تجوز، وإلا تجوز ا ه. قال في شرحها وكذا الثوب إذا فرش على النجاسة اليابسة: فإن كان رقيقا يشف ما تحته أو توجد منه رائحة النجاسة على تقدير أن لها رائحة لا تجوز الصلاة عليه، وإن كان غليظا بحيث لا يكون كذلك جازت ا ه.
ثم لا يخفى أن المراد إذا كانت النجاسة تحت قدمه أو موضع سجوده، لأنه حينئذ يكون قائما أو ساجدا على النجاسة لعدم صلوح ذلك الثوب لكونه حائلا، فليس المانع هو نفس وجود الرائحة حتى يعارض بأنه لو كان يقربه نجاسة يشم ريحها لا تفسد صلاته، فافهم قوله: (وتحويل صدره) أما تحويل وجهه كله أو بعضه فمكروه لا مفسد على المعتمد كما سيأتي في المكروهات قوله: (بغير عذر) قال في البحر في باب شروط الصلاة: والحاصل أن المذهب أنه إذا حول صدره فسدت، وإن كان في المسجد إذا كان من غير عذر كما عليه عامة الكتب ا ه. وأطلقه فشمل ما لو قل أو كثر، وهذا لو باختياره، وإلا فإن لبث مقدار ركن فسدت، وإلا فلا كما في شر المنية من فصل المكروهات قوله: (فلو ظن حدثه الخ) محترز قوله: بغير عذر قوله: (لا تفسد) أي عند أبي حنيفة. شرح المنية، وقوله وبعده فسدت أي بالاتفاق، لان اختلاف المكان مبطل إلا لعذر، والمسجد مع تباين أكنافه وتنائي أطرافه كمكان واحد، فلا تفسد ما دام فيه، إلا إذا كان إماما واستخلف مكانه آخر ثم علم أنه لم يحدث فتفسد وإن لم يخرج من المسجد، لان الاستخلاف في غير موضعه مناف كالخروج من المسجد، وإنما يجوز عند العذر ولم يوجد، وكذا لو ظن أنه افتتح بلا وضوء فانصرف ثم علم أنه كان متوضئا تفسد وإن لم يخرج منه، لان انصرافه على سبيل الرفض، ومكان الصفوف في الصحراء له حكم المسجد، وتمامه في شر المنية في آخر الشرط الرابع، وتقدم في الباب السابق.
تنبيه: ذكر في المنية في باب المفسدات: أن لو استدبر القبلة على ظن الحدث ثم تبين خلافه فسدت وإن لم يخرج من المسجد، وعلله في شرحها بأن استدباره وقع لغير ضرورة إصلاح الصلاة