شك أنه مذي أو مني فقط كما قدمناه، فهذه الصورة يجب فيها الغسل وإن لم يتذكر الاحتلام لكن بقيت هذه صادقة بما إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم أو لا، مع أنه إذا كان منتشرا لا يجب الغسل فاستثناه أيضا، فصار جملة المستثنيات ثلاث صور لا يجب فيها الغسل اتفاقا مع عدم تذكر الاحتلام كما قلنا، وبهذا الحل الذي هو من فيض الفتاح العليم ظهر أن هذه المتعاطفات مرتبطة ببعضها، وأن الاستثناء فيها كلها متصل، ولله در هذا الشارح الفاضل، فكثيرا ما تخفى إشارته على المعترضين وإن كانوا من الماهرين، فافهم. قوله: (كالودي) فإنه لا غسل فيه اتفاقا وإن تذكر كما مر. قوله: (لكن في الجواهر الخ) استدراك على المسألة الثالثة.
وحاصله أنه أطلق عدم الغسل فيها تبعا لكثير، وهو مقيد بثلاثة قيود: أن يكون نومه قائما أو قاعدا، أو أن لا يتيقن أنه مني، وأن لا يتذكر حلما، فإذا فقد واحد منها بأن نام مضطجعا أو تيقن أو تذكر وجب الغسل.
وقد ذكر المسألة في منية المصلي فقال: وإن استيقظ فوجد في إحليله بللا ولم يتذكر حلما، إن كان ذكره منتشرا قبل النوم فلا غسل عليه، وإن كان ساكنا فعليه الغسل، هذا إذا نام قائما أو قاعدا، أما إذا نام مضطجعا أو تيقن أنه مني فعليه الغسل، وهذا مذكور في المحيط والذخيرة. وقال شمس الأئمة الحلواني: هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون ا ه.
والحاصل أن الانتشار قبل النوم سبب لخروج المذي، فما يراه يحمل عليه ما لم يتذكر حلما ويعلم أنه مني، أو يكن نائما مضطجعا لأنه سبب للاسترخاء والاستغراق في النوم الذي هو سبب الاحتلام، لكن ذكر في الحلية أنه راجع الذخيرة والمحيط البرهاني فلم ير تقييد عدم الغسل بما إذا نام قائما أو قاعدا، ثم بحث وقال: إن الفرق بينه وبين النوم مضطجعا غير ظاهر. قوله: (أو تيقن) عبر به تبعا للمنية، ولو عبر بالعلم لكان أولى، لان المراد غلبة الظن والعلم يطلق عليها. وعبارة الخانية في هذه المسألة: إلا أن يكون أكبر رأيه أنه مني فيلزمه الغسل ا ه. قوله: (ولو مع اللذة والانزال) أي مع تذكرهما، وليس المراد أنه أنزل لان الموضوع أنه لم ير بللا ط قوله: (وكذا المرأة الخ) في البحر عن المعراج: لو احتلمت المرأة ولم يخرج الماء على ظهر فرجها، عن محمد يجب. وفي ظاهر الرواية لا يجب، لان خروج منيها إلى فرجها الخارج شرط لوجوب الغسل عليها وعليه الفتوى. قوله: (ولو وجد الخ) حاصله أنه لو وجد الزوجان في فراشهما منيا ولم يتذكرا احتلاما، فقيل: إن كان أبيض غليظا فمني الرجل، وإن كان أصفر رقيقا فمني المرأة. وقال في الظهيرية بعد حكايته لهذا القول: والأصح أنه يجب عليهما احتياطا، وعزا هذا الثاني في الحلية إلى ابن الفضل، وقال: ومشى عليه في المحيط والخلاصة، واستظهر في الفتح الجمع بين القولين، فقيد الوجوب عليهما بعدم التذكر وعدم المميز من غلظ ورقة أو بياض وصفرة، ثم قال: فلا خلاف إذن، واستحسنه في الحلية وأقره في البحر، لكن في شرح المنية أن المميز يختلف باختلاف المزاج والأغذية فلا عبرة به، والاحتياط هو الأول. قوله: (ولا نام قبلهما غيرهما) ذكره في الحلية بحثا