أقول: ويؤيد هذا الحمل ما في التاترخانية أيضا عن السراجية: المجنون إذا أجنب ثم أفاق لا غسل عليه ا ه. وكأنه مبني على القول بعدم الغسل على من أسلم جنبا لعدم التكليف وقت الجنابة، لكن الأصح خلافه كما علمت فلذا كان المجنون كذلك، وقوله: وهل السكران والمغمى عليه كذلك أي في جريان الخلاف فيهما لو رأيا منيا لعدم التكليف، وقال: يراجع لعدم رؤيته ذلك. وفي التاترخانية: أغشي عليه فأفاق ووجد مذيا أو منيا فلا غسل عليه ا ه. ومقتضاه جريان الخلاف أيضا، إلا أن يقال: المراد أن رأى بللا شك أنه مني أو مذي. وقدم الشارح عند قوله:
ورؤية مستيقظ أنه خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي، وقدمنا هناك عن المنية وغيرها أن برؤية المني يجب الغسل. قوله: (بأن أسلم طاهرا) أي من الجنابة والحيض والنفاس: أي بأن كان اغتسل أو أسلم صغيرا. تأمل. قوله: (أو بلغ بالسن) أي بلا رؤية شئ، وسن البلوغ على المفتى به خمس عشرة سنة في الجارية والغلام، كما سيأتي في محله. قوله: (وسن الخ) هو من سنن الزوائد، فلا عتاب بتركه كما في القهستاني. وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذه الإغتسالات الأربعة مستحبة أخذا من قول محمد في الأصل: إن غسل الجمعة حسن. وذكر في شرح المنية أنه الأصح، وقواه في الفتح، لكن استظهر تلميذه ابن أمير حاج في الحلية استنانه للجمعة لنقل المواظبة عليه، وبسط ذلك مع بيان دلائل عدم الوجوب. والجواب عما يخالفها في البحر وغيره. قوله: (هو الصحيح) أي كونه للصلاة هو الصحيح، وهو ظاهر الرواية. ابن كمال. وهو قول أبي يوسف.
وقال الحسن بن زياد: إنه لليوم، ونسب إلى محمد، والخلاف المذكور جار في غسل العيد أيضا كما في القهستاني عن التحفة، وأثر الخلاف فيمن لا جمعة عليه لو اغتسل وفيمن أحدث بعد الغسل وصلى بالوضوء نال الفضل عند الحسن لا عند الثاني. قال في الكافي: وكذا فيمن اغتسل قبل الفجر وصلى به ينال عند الثاني لا عند الحسن، لأنه اشترط إيقاعه فيه إظهارا لشرفة ومزيد اختصاصه عن غيره كما في النهر، قيل: وفيمن اغتسل قبل الغروب، واستظهر في البحر ما ذكره الشارح عن الخانية من أنه لا يعتبر إجماعا، لان سبب مشروعيته دفع حصول الأذى من الرائحة عند الاجتماع، والحسن وإن قال هو لليوم، لكن بشرط تقدمه على الصلاة، ولا يضر تخلل الحدث بينه وبين الغسل (1) عنده. وعند أبي يوسف يضر ا ه. ولسيدي عبد الغني النابلسي هنا بحث نفيس ذكره في شرح هداية ابن العماد، حاصله أنهم صرحوا بأن هذه الإغتسالات الأربعة للنظافة لا للطهارة، مع أنه لو تخلل الحدث تزداد النظافة بالوضوء ثانيا، ولئن كانت للطهارة أيضا فهي حاصلة بالوضوء ثانيا مع بقاء النظافة، فالأولى عندي الاجزاء وإن تخلل الحدث، لان مقتضى الأحاديث الواردة في ذلك طلب حصول النظافة فقط اه.
أقول: ويؤيده طلب التبكير للصلاة، وهو في الساعة الأولى أفضل وهي إلى طلوع الشمس، فربما يعسر مع ذلك بقاء الوضوء إلى وقت الصلاة ولا سيما في أطول الأيام، وإعادة الغسل أعسر.