ذلك عن ابن مسعود مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا على ابن مسعود والوقف أصح والرفع ضعيف ولكن يستأنس بذلك في المعنى وهو يرشد إلى الحاق هذا الخيار بخيار العيب كما أن من باع عينا علم عيبها ولم يبين فقد حصلت منه الخلابة (وهي الخديعة) وأما الذي يشترط وصفا في المبيع بحيث إذا ظهر خلافه يرد عليه ليس حاله حال المخادع فأفادنا الأثر المذكور أن الخديعة في البيع على تلك الصورة وأن التصرية وان لم تكن من البائع تثبت الخيار لأنه بالبيع معها من غير تبيين مخادع كما أن بائع العين المعيبة مخادع وإن كان العيب ليس منه فهذا المعني يقتضى ثبوت الخيار أي وقت اطلع عليه * ثم في المصراة معني آخر وهو أنه لا يوقف على عيبها في العادة إلا بثلاثة أيام فزيد فيها هذا الحكم ولم يسقط بالعلم كغيرها من العيوب لان العلم بالتصرية لا يفيد الغرض وينخرم به الخدش على مقدار اللبن الأصلي فهذا ما ظهر لي في هاتين المسألتين وأنه يثبت الخيار ثلاثا مع العلم ويثبت إذا اطلع على عيب التصرية بعد ثلاث على الفور وقد قدمت عن الجوزي القول بذلك وابن المنذور لما نقل عن الشافعي وناس من أهل الحديث أنهم يجعلون لمشتريه خيار ثلاثة أيام (قال) وفى مذهب بعض المدنيين له الخيار متى تبين له أنها مصراة أن يردها (قلت) وهذا هو قول ابن أبي هريرة وقد خرج صاحب التتمة بأنه إذا علم التصرية لا خيار له وحكى الوجهين فيما إذا توهما أو أخبره بها من لا يثق بخبره ثم تحقق ذلك عنده (وقال) الشيخ أبو حامد رحمه الله إذا علم التصرية ثم لم يدم اللبن بل عاد إلى ما كان عليه قبل التصرية فهل له الرد فيه وجهان وهذا الكلام يوهم أنه لو دام على ما أشعرت به التصرية لم يكن له الرد وأن الخلاف مقصور على ما إذا رجع إلى ما كان عليه ويؤيده أنهم قد شبهوا ذلك بما إذا تزوجت عنينا عن غيرها على رجاء أن لا يكون عنينا عنها فإذا تحققت عنته عنها أيضا ثبت لها الخيار ولا شك أنه لو لم يعن عنها لم يثبت لها خيار لكن الخلاف
(٤٤)