والغاساني وسائر ثقات الناس لا تحريم في الربا في غيرها وحكاه صاحب الحاوي عن طاوس ومسروق والشعبي وقتادة وعثمان البتي وقال سائر العلماء لا يتوقف تحريم الربا عليها بل يتعدى إلى ما في معناها وهو ما وجدت فيه العلة التي هي سبب تحريم الربا في السنة واختلفوا فيها (فأما) الذهب والفضة فالعلة عند الشافعي فيهما كونهما جنس الأثمان غالبا وهذه عنده علة قاصرة عليهما لا تتعداهما إذ لا توجد في غيرهما وقال أبو حنيفة العلة فيهما الوزن في جنس واحد فالحق بهما كل موزون كالحديد والنحاس والرصاص والقطن والكتان والصوف وكل ما يوزن في العادة ووافق أنه لا يحرم الربا في معمول الحديد والنحاس ونحوهما وإنما يحرم في التبر وممن قال بمعنى قول أبي حنيفة الزهري والحكم وحماد والثوري والأوزاعي واحتج لهم بحديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وأبى سعيد الخدري رضي الله عنهم أنهما حدثاه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أخا بني عدى الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بثمر حبيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا قال لا والله يا رسول الله انا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل أو بيعوا هذا واشتروا قيمته من هذا وكذلك الميزان) رواه البخاري ومسلم قالوا نعنى وكذلك الموزون فيدل على أن كل موزون لا يجوز التفاضل فيه قالوا ولان علتكم قاصرة فإنها لا تتعدى الذهب والفضة وهما الأصل الذي استنبطتم منه العلة وعندكم في العلة القاصرة وجهان لأصحاب الشافعي (أحدهما) أنها فاسدة لا يجوز التعليل بها لعدم الفائدة فيها فان حكم الأصل قد عرفناه وإنما مقصود العلة أن يلحق بالأصل غيره (والوجه الثاني) أن القاصرة صحيحة ولكن المتعدية أولى قالوا فعلتكم مردودة على الوجهين لان حكم الذهب والفضة عرفناه بالنص قالوا ولان علتكم قد توجد ولا حكم وقد يوجد الحكم ولا علة كالفلوس بخراسان وغيرهما فإنها أثمان ولا ربا فيها عندكم والثاني كأواني الذهب والفضة يحرم الربا فيها مع أنها ليست أثمانا * واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف * وهو أنه يجوز اسلام الذهب والفضة في غيرهما من الموزونات بالاجماع كالحديد وغيره فلو كان الوزن علة لم يجز كما لا يجوز اسلام الحنطة في الشعير والدراهم في الدنانير ولان أبا حنيفة جوز بيع المضروب من النحاس والحديد والرصاص بعضه ببعض متفاضلا ولو كانت العلة الوزن لم يجز (فان قالوا) خرجت بالضرب عن كونها موزونة (قلنا) لا نسلم * وأجاب أصحابنا عن حديثهم بثلاثة أجوبة (أحدها) جواب البيهقي قال قد قيل إن قوله وكذلك الميزان من كلام
(٣٩٣)