قل أحل لكم الطيبات) قال أصحابنا وغيرهم وليس المراد بالطيب هنا الحلال لأنه لو كان المراد الحلال لكان تقديره أحل لكم الحلال وليس فيه بيان وإنما المراد بالطيبات ما يستطيبه العرب وبالخبائث ما تستخبثه قال أصحابنا ولا يرجع في ذلك إلى طبقات الناس وينزل كل قوم على ما يستطيبونه أو يستخبثونه لأنه يؤدى إلى اختلاف الأحكام في الحلال والحرام واضطرابها وذلك يخالف قواعد الشرع قالوا فيجب اعتبار العرب فهم أولى الأمم بأن يؤخذ باستطيابهم واستخباثهم لأنهم المخاطبون أولا وهم جيل معتدل لا يغلب فيهم الانهماك على المستقذرات ولا العفافة المتولدة من التنعم فيضيقوا المطاعم على الناس قالوا وإنما يرجع إلى العرب الذين هم سكان القرى والريف دون اجلاف البوادي الذين يأكلون ما دب ودرج من غير تمييز وتغيير عادة أهل اليسار والثروة دون المحتاجين وتغيير حالة الخصب والرفاهية دون الجدب والشدة قال الرافعي وذكر جماعة أن الاعتبار بعادة العرب الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لان الخطاب لهم قال ويشبه أن يقال يرجع في كل زمان إلى العرب الموجودين فيه قال أصحابنا فان استطابته العرب أو سمته باسم حيوان حلال فهو حلال وان استخبثته أو سمته باسم محرم فمحرم فان استطابته طائفة واستخبثته أخرى اتبعنا الأكثرين فان استويا قال الماوردي وأبو الحسن العبادي يتبع قريش لأنهم قطب العرب فان اختلفت قريش ولا ترجيح أوشكوا ولم يحكموا بشئ أو لم نجدهم ولا غيرهم من العرب اعتبرناه بأقرب الحيوان به شبها والشبه تارة يكون في الصورة وتارة في طبع الحيوان من الصيالة والعدوان وتارة في طعم اللحم فان استوى الشبهان أو لم نجد ما يشبهه فوجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) الحل قال
(٢٦)