15 - وفي العقد الفريد:
" قالوا: إذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما، وإذا جعلك عبدا فاجعله ربا. " (1) فهذه نماذج من الروايات والفتاوى المحكية عن السنة الظاهرة في عدم جواز الخروج على الوالي إذا صار فاسقا أو جائرا بل يجب التسليم له وإطاعته والصبر عليه. وقد رأيت بعضهم أنه ادعى الاجماع على ذلك.
16 - نعم، حكى أبو بكر الجصاص الحنفي في أحكام القرآن مخالفة أبي حنيفة لما ذكر فقال نقلا عنه:
" كان مذهبه مشهورا في قتال الظلمة وأئمة الجور، ولذلك قال الأوزاعي: احتملنا أبا حنيفة على كل شيء حتى جاءنا بالسيف، يعني قتال الظلمة، فلم نحتمله. " وكان من قول: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض بالقول، فان لم يؤتمر له فبالسيف على ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وسأله إبراهيم الصائغ - وكان من فقهاء أهل خراسان ورواة الأخبار ونساكهم - عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: هو فرض وحدثه بحديث عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقتل. " فرجع إبراهيم إلى مرو وقام إلى أبي مسلم صاحب الدولة فأمره ونهاه وأنكر عليه ظلمه وسفكه الدماء بغير حق فاحتمله مرارا ثم قتله.
وقضيته في أمر زيد بن علي مشهورة وفي حمله المال إليه وفتياه الناس سرا في وجوب نصرته والقتال معه وكذلك أمره مع محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن.
وقال لأبي إسحاق الفزاري حين قال له: لم أشرت على أخي بالخروج مع إبراهيم حتى قتل؟ قال: مخرج أخيك أحب إلي من مخرجك، وكان أبو إسحاق قد خرج إلى البصرة. وهذا إنما أنكره عليه اغمار أصحاب الحديث الذين بهم فقد الأمر