ودخول الإنسان في الحياة الاجتماعية وفي ظل المجتمع يقتضي طبعا التزامه بكل لوازمها. وإذا بدت فكرتان مختلفتان في حفظ النظام وتأمين المصالح العامة فحفظ النظام واستقراره يتوقف قهرا على ترجيح إحديهما على الأخرى في مقام العمل.
وفي هذه الصورة لا مناص من تغليب الأكثرية على الأقلية، وعليه استمرت سيرة العقلاء أيضا في جميع الأعصار والأمصار كما مر. إذ تغليب الأقلية ترجيح للمرجوح على الراجح والعقل يحكم بقبحه.
فالأقلية الداخلة في المجتمع بدخولها فيه كأنها التزمت بقبول فكرة الأكثرية في مقام العمل، والتنازل عن فكرة نفسها عند تزاحم الفكرتين.
ففي الحقيقة وقع الإطباق والاتفاق على الأخذ بفكرة الأكثرية في مقام العمل و إن أذعنت الأقلية ببطلانها ذاتا.
نظير ما إذا استدعى الإنسان تبعية دولة خاصة، فإنها تقتضي التزامه بمقررات هذه الدولة أو ساهم في مؤسسة تجارية مبتنية على برنامج خاص، فإن نفس مساهمته في هذه المؤسسة التزام منه ببرامجها وأحكامها.
وبالجملة، لكل من أقسام الحياة الفردية والعائلية والاجتماعية لوازم وأحكام.
والتزام الإنسان بكل منها ووروده فيها التزام منه بآثارها ولوازمها. فكما أن التزامه بالحياة العائلية التزام منه بآثارها من تحديد الحريات الفردية والالتزام بأداء حقوق العائلة من الزوجة والأولاد، فكذلك وروده في الحياة الاجتماعية والاستمتاع من إمكانياتها التزام منه بلوازمها، ومن جملتها قبول فكرة الأكثرية وترجيحها عند التزاحم في المسائل الاجتماعية المختلفة التي من أهمها مسألة انتخاب الحاكم. فإنه أمر أذعن به العقلاء واختاروه حلا للمعضلة، حيث إن الأمر يدور بين اختلال النظام أو الأخذ بإحدى الفكرتين، والأول مما لا يجوز عقلا وشرعا، فيتعين الأخذ بالأكثرية، لترجح آراء الأكثرية على آراء الأقلية من وجهين، كما مر.
وقد مر بالتفصيل بيان استمرار سيرة العقلاء على تعيين الحاكم بالانتخاب، وأقمنا أدلة كثيرة على إمضاء الشارع لهذه الطريقة عند فقد النص. وحصول