وقوله: " ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون. " (1) إلى غير ذلك من الآيات الشريفة، فكيف تقول باعتبار آراء الأكثرية وإثبات الولاية بها؟
قلت: يظهر بالمراجعة أن موارد الآيات المذكورة هي المسائل الغيبية التي أخفى علمها عن العامة، كصفات الباري وأفعاله ومسائل القضاء والقدر وخصوصيات القيامة، أو التقاليد وعادات الجاهلية المخالفة للعقل والوجدان ونحو ذلك.
فلا تشمل العقود والمقررات الاجتماعية التي لا محيص عنها في استقرار الحياة ثم لا مجال فيها لتقديم الأقلية على الأكثرية. كيف! وإلا لزم تعطيل الحكومة أو تقديم المرجوح على الراجح، وكلاهما واضح البطلان.
ثم لو فرض إطلاق الآيات المذكورة بحيث تشمل المسائل الحقوقية والاجتماعية أيضا وعدم انصرافها عنها فنقول: إن الأقلية العالمة العاقلة ليست متميزة منحازة، بل هي متفرقة منتشرة في خلال المجتمع، فإذا انقسم المجتمع إلى أكثرية وأقلية في الانتخابات فلا محالة يكون عدد أهل العلم والعقل في طرف الأكثرية أكثر من عددهم في الطرف الآخر، فيكون الرجحان لآراء الأكثرية أيضا. وهذا واضح لمن تدبر. وعليك بالرجوع إلى ماحررناه في المسألة الثامنة أيضا لاشتباك المسألتين و ارتباط كل منهما بالأخرى.