ذلك كما مر منا بالتفصيل يلزمنا بالقول بصحة الانتخاب مع عدم وجود النص. و بما أن النص على نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة من ولده (عليهم السلام) ثابت عندنا بلا إشكال فلا مجال للانتخاب مع وجودهم وظهورهم.
أما في أعصارنا فمع عدم النص يصح الانتخاب أو يجب لما أقمناه من الأدلة، و يكون عقدا شرعيا بين الأمة وبين المنتخب يجب الوفاء به بحكم الفطرة مضافا إلى قوله - تعالى -: " أوفوا بالعقود. " (1) وكما أن الوجدان يلزمنا بإطاعة الإمام المنصوب يلزمنا بإطاعة الإمام المنتخب أيضا، فإن طبع ولاية الأمر إذا كانت عن حق يقتضي الإطاعة وإلا لما تم الأمر ولما حصل النظام. والشرع أيضا بإمضائه للانتخاب يلزمنا بالإطاعة. وقد استظهرنا في تفسير قوله - تعالى -: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " (2) شمول الآية بعمومها لكل من صار ولي الأمر عن حق وإن كان بالانتخاب إذا كان واجدا للشرائط وكان انتخابه على أساس صحيح، فراجع. (3) وبالجملة لافرق في حكم الوجدان بين الإمام المنصوب والإمام المنتخب مع فرض صحة الانتخاب وإمضاء الشرع له.
والانتخاب وإن أشبه الوكالة بوجه بل هو قسم من الوكالة بالمعنى الأعم، أعني إيكال الأمر إلى الغير أو تفويضه إليه، وفي كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أصحاب الخراج " فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة. " (4) ولكن إيكال الأمر إلى الغير قد يكون بالإذن له فقط، وقد يكون بالاستنابة بأن يكون النائب وجودا تنزيليا للمنوب عنه وكأن العمل عمل المنوب عنه، وقد يكون بإحداث الولاية والسلطة المستقلة للغير مع قبوله.
والأول ليس عقدا، والثاني عقد جائز على ما ادعوه من الإجماع، وأما الثالث