وثانيا: أنه بالرجوع إلى التوقيع يظهر أن كتاب إسحاق بن يعقوب إلى الناحية المقدسة كان مشتملا على أسئلة كثيرة معهودة للسائل، وفي كل جواب منه (عليه السلام) أشير إلى سؤال منها. فاللام في قوله: " وأما الحوادث الواقعة " لعلها إشارة إلى حوادث وقعت في السؤال ولا يعلم ما هي، فلعلها كانت حوادث خاصة فيشكل الحمل على الاستغراق. اللهم إلا أن يقال إن عموم التعليل يقتضي كونهم حجة في جميع الحوادث، فتأمل.
وثالثا: أن القدر المتيقن من الجواب بمناسبة الحكم والموضوع هو الأحكام الشرعية للحوادث، فإن رواياتهم (عليهم السلام) مناشئ ومدارك لاستنباط الأحكام الشرعية الكلية. فالأخذ بالإطلاق مع وجود القدر المتيقن وما يصلح للقرينية مشكل، فتأمل.
ورابعا: أن الظاهر من الحجية أيضا هو الاحتجاج بالنسبة إلى كشف الأحكام الكلية الواقعية. وتعليل الإمام (عليه السلام) بكونهم حجتي عليكم لعله من جهة أنه (عليه السلام) هو المأمور أولا ببيان أحكام الله - تعالى - والفقهاء نواب عنه في ذلك.
وخامسا: أن المراد بالحوادث التي أرجعها (عليه السلام) إلى الفقهاء لا يخلو إما أن يراد بها بيان الأحكام الكلية للحوادث الواقعة، أو فصل الخصومات الجزئية والأمور الحسبية الجزئية التي كان يرجع فيها أيضا إلى القضاة كتعيين الولي للقاصر والممتنع، أو الحوادث الأساسية المرتبطة بالدول كالجهاد وعلاقات الأمم وتدبير أمور البلاد و العباد ونحوها، فعلى الأولين لا يرتبط الحديث بأمر الولاية الكبرى، كما هو واضح. و على الثالث يحتاج في حل الحوادث إلى إقامة دولة وتحصيل قدرة.
فيصير مفاد الحديث وجوب الرجوع إلى الفقهاء وتقويتهم وتحصيل الشوكة لهم حتى يتمكنوا من حل الحادثة وإلا كان الرجوع إليهم لغوا.
وعلى هذا فتحصل الولاية لهم بالانتخاب لا بالنصب. فلا مجال للاستدلال