الثالث: أن تحمل على الإنشاء أيضا ويراد بها إيجاب انتخاب العلماء للحكومة و تعينهم لذلك بحكم الشرع.
والاستدلال بالرواية على نصب الفقهاء يتوقف على الاحتمال الثاني، وأن يراد بالعلماء فيها خصوص فقهاء الإسلام ولا دليل على تعينهما. وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. هذا مضافا إلى أن مقتضاه أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الجملة قد جعل منصب الحكومة لجميع العلماء في جميع الأعصار. فلو كان في عصر واحد ألف عالم مثلا يكون الجميع حكاما منصوبين، وهذا بعيد بل لعله مقطوع الفساد و قد مر الإشكال فيه ثبوتا في الفصل السابق، فراجع. هذا.
وفي البحار عن كنز الكراجكي، قال: قال الصادق (عليه السلام): " الملوك حكام على الناس، و العلماء حكام على الملوك. " (1) ولا يخفى أن قوله: " الملوك حكام على الناس " يراد به الإخبار قطعا، فلعله قرينة على إرادة الإخبار في الجملة الثانية أيضا لوحدة السياق، بل قرينة على المراد في الخبر السابق أيضا. فلا مجال للاستدلال بالروايتين في المقام. وقد مر شرح الروايتين في فصل اعتبار العلم في الحاكم أيضا، فراجع.