كانت تدل على جلالته، ولكن الراوي لها نفسه.
اللهم إلا أن يقال إن نقل الكليني عنه يدل على اعتماده عليه. ولكن في النفس منه شئ وهو أن الكليني لم يذكر الرواية في الكافي، فما هو الوجه في ذلك؟
والمراد برواة حديثنا في الحديث ليس الرواة لألفاظ حديثهم بلا تفهم وتفقه لمفاده نظير ضبط المسجلات، بداهة أن الإمام (عليه السلام) لم يرجع أصحابه إلى الروايات بل إلى الرواة، وقال: " إنهم حجتي " ولم يقل: " رواياتهم حجتي ". ولا معنى لإرجاع الأصحاب إلى حفاظ الألفاظ بلا درك لمفاهيمها، فلا محالة يراد بذلك الفقهاء المستند فقههم إلى روايات العترة، الحاكية لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، في قبال الفتاوى الصادرة عن الأقيسة والاستحسانات الظنية غير المعتبرة.
قال الشيخ المحقق الأنصاري " قده " في المكاسب في تقريب الاستدلال بالرواية على ولاية الفقيه:
" فإن المراد بالحوادث ظاهرا مطلق الأمور التي لابد من الرجوع فيها عرفا أو عقلا أو شرعا إلى الرئيس، مثل النظر في أموال القاصرين لغيبة أو موت أو صغر أو سفه.
وأما تخصيصها بخصوص المسائل الشرعية فبعيد من وجوه:
منها: أن الظاهر وكول نفس الحادثة إليه ليباشر أمرها مباشرة أو استنابة، لا الرجوع في حكمها إليه.
ومنها: التعليل بكونهم حجتي عليكم وأنا حجة الله، فإنه إنما يناسب الأمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر. فكان هذا منصب ولاه الإمام من قبل نفسه لا أنه واجب من قبل الله - سبحانه - على الفقيه بعد غيبة الإمام وإلا كان المناسب أن يقول:
إنهم حجج الله عليكم. كما وصفهم في مقام آخر بأنهم أمناء الله على الحلال والحرام.
ومنها: أن وجوب الرجوع في المسائل الشرعية إلى العلماء الذي هو من بديهيات الإسلام من السلف إلى الخلف مما لم يكن يخفى على مثل إسحاق بن يعقوب حتى يكتبه في عداد مسائل أشكلت عليه، بخلاف وجوب الرجوع في المصالح العامة