ولكن لأحد أن يقول: نعم، الولاية على المسلمين حق للفقهاء، وهم المتعينون لإقامة الدولة وحفظ الإسلام ولكن لا يتعين كون ذلك بالنصب من قبل الأئمة (عليهم السلام) قهرا، بل لعل المراد بذلك أنه يجب عليهم ترشيح أنفسهم وإعداد القوى، ويجب على المسلمين القيام والتعاون وانتخابهم لذلك. كما يجب على أهل المدينة وقيمها بناء السور للمدينة حفظا لها من الهجمات. فيصير المنتخب بانتخاب الأمة واليا. وكما أنه ليس للمدينة إلا سور واحد فكذلك ليس لمجتمع المسلمين إلا وال واحد بالفعل، و هو الذي انتخبه المسلمون من بين الفقهاء، والباقون لهم الصلاحية فقط. وقد مر في الفصل السابق الإشكال ثبوتا في النصب العام، فراجع.
نعم، لو تقاعس المسلمون عن العمل بهذه الوظيفة المهمة وجب على الفقهاء التصدي لشؤونها حسبة، كما يأتي تفصيله.
ويمكن أن يقال أيضا إن المتبادر من حفظ الإسلام والقدر المتيقن منه إنما هو النشاط العلمي بالنسبة إلى أحكامه من الاستنباط والتفسير والتبليغ ودفع الشبهات عنها ونشر الكتب ونحو ذلك. وأما الإجراء والتنفيذ في المجتمع فهو أمر آخر لا يعلم كونه مشمولا للحديث.
وهل الإمام الصادق (عليه السلام) مثلا الذي بين معارف الإسلام وأحكامه وربى فقهاء كثيرين لم يكن حصنا للإسلام؟ اللهم إلا أن يقال: إن " الحصون " مطلق، فيشمل بإطلاقه حفظ الإسلام علما وسياسة وتنفيذا، فلاوجه للأخذ بالقدر المتيقن منه، و الإمام الصادق (عليه السلام) قال: " لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود. " (1) كما مر في محله.