ومن المحتمل سقوط لفظ الفقيه من صدر الرواية، فإن الجهات المذكورة في الرواية تناسب موت الفقيه، والذيل أيضا قرينة على ذلك، وكذلك قوله في مرسلة ابن أبي عمير، عن الصادق (عليه السلام): " إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ. " (1) هذا.
وقد روي الرواية بعينها في فروع الكافي عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد.
وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: سمعت أبا الحسن الأول (عليه السلام) يقول، وذكر الحديث وأسقط لفظ الفقهاء. (2) والسند صحيح.
ولكن إذا دار الأمر بين الزيادة والنقيصة فأصالة عدم الزيادة مقدمة عند العقلاء، لأن الخطأ بالسقط كثير بخلاف الزيادة فإنها بلا وجه. وعرفت أن الأمور والجهات المذكورة في الرواية ولاسيما قوله: " ثلم في الإسلام ثلمة "، وقوله: " حصون الإسلام " إنما تناسب موت الفقيه لا موت كل مؤمن. ومرسلة ابن أبي عمير أيضا شاهدة على ذلك، فتدبر.
وأما بيان الدلالة، فنقول: إن الإسلام كما مر بالتفصيل في الباب الثالث ليس مقصورا على أحكام عبادية ومراسيم شخصية فقط، بل له أحكام كثيرة - غاية الكثرة - في المعاملات، والضرائب الإسلامية، وكيفية تنظيم العائلة، وسياسة المدن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد والدفاع، وفصل الخصومات، والحدود و القصاص والديات ونحو ذلك.
وليس حفظ الإسلام بالاعتزال في زاوية والتلاعب بالكتب فحسب. وإنما يحفظ باستنباط الأحكام، ونشرها، وتعليمها، وتطبيقها على الحوادث الواقعة و الموضوعات المستحدثة، وإجرائها وتنفيذها، وبسط العدالة، وإجراء الحدود الشرعية، وسد الثغور، ودفع هجمات الأعداء ورفعها، وجمع الضرائب وصرفها في