أين يختار هؤلاء الجهال؟ إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وارث الأوصياء. إن الإمامة خلافة الله وخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين - عليهما السلام -. إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين. إن الإمامة أس الإسلام النامي وفرعه السامي. بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج و الجهاد، وتوفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف.
الإمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة. الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم... الإمام أمين الله في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله والذاب عن حرم الله. الإمام المطهر من الذنوب والمبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم. نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين. الإمام واحد دهره; لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولاله مثل ولا نظير. مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب. فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره... فأين الاختيار من هذا وأين العقول عن هذا؟ و أين يوجد مثل هذا؟! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الأباطيل... رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله وأهل بيته إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: " وربك يخلق ما يشاء ويختار. ما كان لهم الخيرة، سبحان الله و تعالى عما يشركون. " (1) وقال - عزوجل -: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. " (2)... فكيف لهم باختيار الإمام؟ والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب، فالبيت من قريش والذروة من هاشم والعترة من الرسول والرضا من الله - عزوجل -، شرف الأشراف والفرع من عبد مناف. نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله - عزوجل -، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله... و إن العبد إذا اختاره الله - عزوجل - لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب ولا يحير فيه عن الصواب. فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن من الخطايا والزلل