وإنما البحث في أنه هل تعتبر العصمة في والي المسلمين مطلقا أم لا؟ ولا يخفى أنه لو قيل بذلك فكأنه صار نقضا وهدما لما أثبتناه إلى هنا من ثبوت الولاية للفقيه العادل في عصر الغيبة.
ولا يصح الاستدلال لهذه المسألة المطلقة بتلك الأخبار المشار إليها، لاختصاصها بالأنبياء وأوصيائهم والأئمة الاثني عشر، بل بالأخبار التي يستفاد منها اعتبار العصمة في الإمام بنحو الاطلاق وأن الإمامة مقام شامخ إلهي تثبت بالنص لا بالاختيار والانتخاب.
1 - فمن هذه الأخبار الخبر الطويل لعبد العزيز بن مسلم، رواه الكليني في أصول الكافي، والصدوق في كتبه، وذكر في تحف العقول، وغيبة النعماني، والاحتجاج أيضا باختلاف في بعض الالفاظ وذكره في البحار (1).
ففي الكافي: " أبو محمد القاسم بن العلا - رفعه - عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، وذكروا كثرة الاختلاف فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام) ثم قال:
" يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن آرائهم. ان الله - عز وجل - لم يقبض نبيه حتى أكمل له الدين... وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما. وما ترك لهم شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه. فمن زعم أن الله - عزوجل - لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به. هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟! إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم... فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن