والذي يقتضيه مذهبنا أن أم أم ولده من الرضاع محرمة عليه كما أنها محرمة عليه من النسب لأنه أصل في التحريم من غير تعليل، فعلى هذا امرأة لها لبن أرضعت بنتا لقوم الرضاع المحرم ولتلك البنت المرضعة أخت، فإنه يحل لابن المرضعة التي قد شربت هذه البنت المرضعة منه أن يتزوج بأختها، وهي أخت أخيه من الرضاع لما مضى من الأصل، وهو أنه إنما يحرم هذا المرضع وحده ومن كان من نسله دون من كان في طبقته، وهذه من طبقته لأنه لا نسب بينه وبين أخت أخيه ولا رضاع.
ومثاله في النسب: رجل له ابن وتزوج امرأة لها بنت فولدت منه بنتا، فهذه البنت أخت ابنه من أبيه فله أن يتزوج بأختها التي هي بنت زوجة أبيه من غير أمه وهي أخت أخته من النسب لأنه لا نسب بينهما ولا رضاع، وهكذا يجوز له أن يتزوج أخت أخيه من رضاع.
بيانه: امرأة لها ابن كبير وابن صغير ثم إن أجنبية لها بنت أرضعت هذا الصغير، فإن هذا الصغير أخو هذه الصغيرة من رضاع، ولهذا الابن الكبير أن يتزوج بهذه الصغيرة وهي أخت أخيه كما قلناه في النسب، وعلى هذا يدور كتاب الرضاع فكلما نزلت بك حادثة فارجع إليه واعتبر هذا به.
إذا كان له أربع زوجات إحداهن صغيرة لها دون الحولين وثلاث كبار لهن لبن، فأرضعت إحدى الكبار هذه الصغيرة انفسخ نكاحهما معا، فإذا أرضعتها الثانية من الكبار انفسخ نكاحهما لأنها أم من كانت زوجته، فإن أرضعتها الثالثة انفسخ نكاحها لأنها أم من كانت زوجته.
وروي في أخبارنا أن هذه لا تحرم لأنها ليست زوجته في هذه الحال وإنما هي بنته، والذي قدمناه هو الذي تقتضيه أصولنا لأنها من أمهات نسائه، وقد حرم الله تعالى أمهات النساء وهذه كانت زوجته بلا خلاف.
والرضاع لا يثبت إلا ببينة عادلة ولا يقبل فيه شهادة النساء، على الصحيح من أقوال أصحابنا.
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا ادعت المرأة أنها أرضعت صبيا لم يقبل قولها وكان الأمر على