ثبوت الحضانة لها في هذه الحال، فإن أرضعته الأجنبية التي رضيت بدون ما رضيت به أمه كان للأم حضانته، ثم إذا احتاج إلى اللبن ترضعه المرضعة ثم تأخذه الأم بحق الحضانة إذا روي من اللبن، ثم هكذا فليلحظ ذلك.
وإن كان الوالد قد مات كانت الأم أحق بحضانته من الوصي إلى أن يبلغ ذكرا كان أو أنثى تزوجت أو لم تتزوج لقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، ولا خلاف أن الأم أقرب إليه بعد الأب من كل أحد، فإن كان الأب مملوكا والأم حرة كانت هي أحق بولدها من الأب، وإن تزوجت إلى أن يعتق الأب فإذا عتق كان أحق بهم منها على الاعتبار الذي قدمناه.
وينبغي إذا أراد الانسان أن يسترضع لولده فلا يسترضع إلا امرأة عاقلة مسلمة عفيفة وضيئة الوجه، فإنه روي: أن اللبن يعدي، ولا يسترضع كافرة مع الاختيار فإن اضطر إليها فليسترضع يهودية أو نصرانية ويمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وتكون معه في منزله ولا يسلم الولد إليها لتحمله إلى منزلها، ولا يسترضع من ولد من الزنى مع الاختيار أيضا، ولا بأس باسترضاع الإماء، وقد روي: أنه إذا كانت له أمة قد ولدت وكانت ولدت من الزنى واحتاج إلى لبنها فليجعلها في حل من فعلها ليطيب بذلك لبنها.
وإذا سلم الرجل ولده إلى ظئر ثم جاءت به بعد أن فطمته فأنكره الرجل و قال: هذا ليس بولدي، لم يكن له ذلك لأن الظئر مأمونة. ومتى تسلمت الظئر الولد وسلمته إلى ظئر أخرى كانت ضامنة إلى أن تجئ به، فإن لم تجئ به كان عليها الدية.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته: الأم أحق بالولد الذكر مدة الحولين وبالأنثى مدة تسع سنين.
وقال شيخنا في نهايته: سبع سنين في الأنثى، وقال في مسائل خلافه: مسألة: إذا بانت المرأة من الرجل ولها ولد منه، فإن كان طفلا لا يميز فهي أحق به بلا خلاف، وإن كان طفلا يميز وهو إذا بلغ سبع سنين أو ثمان سنين فما فوقها إلى حد البلوغ فإن كان ذكرا فالأب أحق به وإن كان أنثى فالأم أحق به ما لم تتزوج، فإن تزوجت فالأب أحق بها، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، هذا آخر كلامه رضي الله عنه.