وأما الاشتراك في المنافع كالاشتراك في منفعة الوقف ومنفعة العين المستأجرة.
فأما الاشتراك في الحقوق فمثل الاشتراك في القصاص وحد القذف وحق خيار الرد بالعيب وخيار الشرط وحق المرافق من المشي في الطرقات وما أشبه ذلك، فهذا الضرب إذا عفا أحد الشركاء كان للباقي من شركائه المطالبة بجميعه من غير اسقاط شئ منه وكذلك لو عفا الجميع إلا واحدا.
والأموال في الشركة على ثلاثة أضرب أيضا: مال يجوز للحاكم أن يقسم ويجبر الممتنع، وضرب يجوز أن يقسم ولا يجوز أن يجبر عليه، وضرب لا يجوز أن يقسم ولا أن يجبر عليه.
فأما ما يجوز أن يقسم ويجبر الممتنع، فكل مشترك أجزاؤه متساوية القيم ولا ضرر في قسمته.
وأما ما يجوز أن يقسم ولا يجبر عليه، فمثل أن يريد أن يقسما دارين.
وأما ما لا يجوز للحاكم أن يقسم ولا أن يجبر عليه فمثل جوهرة واحدة أو حجر واحد، فهذا لا يجوز لهم قسمته لأنه سفه وضرر ولا يجوز للحاكم إذا رضي الشركاء به أن يفعله، لأنه لا يجوز له أن يشاركهم في السفه بل الواجب عليه المنع لهم منه.
وإذا كانت دار هي وقف على جماعة أو غير الدار وأرادوا قسمتها لم يجز لهم، لأن الحق لهم ولمن بعدهم إذا كانت على الأعقاب فلا يجوز لهم تمييز حقوق غيرهم، وإذا كانت نصفها طلقا ونصفها وقفا فطلب صاحب الطلق المقاسمة، فعندنا يجوز ذلك لأن القسمة عندنا ليست ببيع، ومن قال: إنها بيع، وهو الشافعي فلا يجوز قسمة ذلك لأن بيع الوقف لا يجوز.
وقد قلنا إن من شرط صحة الشركة أن يكون في مالين متجانسين متفقي الصفتين إذا خلطا اشتبه أحدهما بالآخر، وأن يخلطا حتى يصيرا مالا واحدا، وأن يحصل الإذن في التصرف في ذلك بدليل إجماع الطائفة على ذلك كله، وأيضا فلا خلاف في انعقاد الشركة بتكامل ما ذكرناه وليس على انعقادها مع عدمه أو اختلال بعضه دليل، وهذه الشركة التي يسميها الفقهاء شركة العنان " بالعين المكسورة الغير معجمة والنون المفتوحة ".