غصب أو إتلاف من يده كان القول قوله مع يمينه من غير بينة، والفرق بين الموضعين أن الحريق والنهب والغرق لا يخفى ويمكن إقامة البينة عليها، وإذا أودع وديعة وادعى المودع ردها على صاحبها وأنكر المودع ذلك كان القول قول المودع مع يمينه لأنه أمينه.
وإذا ادعى انسان وديعة فقال المودع: ما أودعتني، كان القول قول المودع مع يمينه لأن اليمين على المنكر والبينة على المدعي، وإذا قال: أمرتني بأن أدفعها إلى زيد ودفعتها إليه، فأنكر وقال: ما أمرتك بذلك، كان القول قول صاحبها مع يمينه لأن الأصل أن لا دفع، وإذا أودعها في كيس فأخرجها منه كان ضامنا لها لأنه هتك حرز صاحبها، ويجري ذلك مجرى إيداعها في صندوق فيخرجها منه في أنه يلزمه ضمانها لأنه هتك الحرز.
وإذا أودعها صاحبها وهي في كيس فتركها المودع مع مال له في صندوق فيحرق الكيس لم يلزمه ضمان، فإن هلك منه شئ هلك من مالهما جميعا على مقدار ما كان لكل واحد منهما، وإذا أودعه صندوقا وشرط أن لا يرقد عليه فرقد أو نام أو زاده قفلا آخر لم يكن عليه ضمان ويجري ذلك مجرى أن يقول له: اتركها في صحن دارك، فيدخلها بيتا ويغلقه عليها في أنه لا ضمان عليه لأنه زاده حرزا، ولا يصح قول من يقول بأنه بالزيادة قد نبه على أن فيه مالا وبضاعة فيلزم لذلك الضمان لأنه لو قال: بأن فيه مالا، لا يضمن فبالتنبيه أولى.
وإذا أودعه خاتما وأمره أن يجعله في إصبعه البنصر فجعله في الخنصر كان عليه ضمانه لأن البنصر أقوى في الحرز من الخنصر، فإن أمره بأن يجعله في الخنصر فعله في البنصر لم يكن عليه ضمان لأنه بجعله فيه زاده حرزا، فإن أمره بأن يجعله في الخنصر فجعله في البنصر فانكسر كان عليه ضمان الأرش لأنه تحامل عليه وتعدى فيه فيلزمه ضمان الأرش لذلك، وإذا أودع انسان وديعة وقال للمودع: اجعلها في كمك فجعلها في يده كان ضامنا لها لأنه خالف صاحبها فيما شرط عليه وليس لأحد أن يسقط ضمانه لها بأن اليد أحرز من الكم لأنه يعلم ذلك ومع علمه به فقد شرط عليه جعلها في كمه