المسألة الرابعة والتسعون:
من تكلم في صلاته ناسيا أو متعمدا بطلت صلاته. الذي يذهب إليه أصحابنا أن من تكلم متعمدا أبطلت صلاته ومن تكلم ناسيا فلا إعادة عليه وإنما يلزمه سجدتا السهو وقال الشافعي من تكلم في صلاته ناسيا أو جاهلا بتحريم الكلام لم تبطل صلاته وقال مالك كلام الناسي لا تبطل الصلاة وكذلك كلام العامد إذا كان فيه مصلحة للصلاة وقال أبو حنيفة كلام العمد والسهو ومن يجهل تحريم الكلام تبطل الصلاة وقال النخعي جنس الكلام يبطل الصلاة عمده وسهوه دليلنا على أن كلام الناس لا يبطل الصلاة بعد الاجماع المتقدم ما روي عنه ع رفع عن أمتي النسيان وما استكرهوا عليه ولم يرد رفع الفعل لأن ذلك يرفع وإنما أراد رفع الحكم وذلك عام في جميع الأحكام إلا ما قام عليه دليل فإن قيل المراد رفع الإثم قلنا الإثم يدخل في جملة الأحكام واللفظ عام للجميع وأيضا ما روي عنه ع من قوله فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وما ذكر الكلام فدل على أنه ليس بحدث يقطع الصلاة وقد استدل الشافعي بخبر ذي الثديين أن أبا هريرة روى أنه ع صلى بأصحابه العصر فسلم في الركعتين الأولتين فقام ذو الثديين فقال أقصرت الصلاة أو نسيت يا رسول الله؟ فأقبل على الناس فقال أصدق ذو الثديين فقالوا نعم وفي خبر آخر أنه أقبل على أبي بكر وعمر خاصة فقالا نعم فأتم ما بقي من صلاته وسجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم بموضع الاستدلال أنه ع تكلم في الصلاة ناسيا وتكلم بعد ذلك وهو يعتقد أنه خرج من صلاته فدل على أن الكلام مع النسيان لا تبطل الصلاة وعند أبي حنيفة أن هذا الكلام يبطل الصلاة فإن قيل هذه القصة كانت في صدر الاسلام حيث كان الكلام مباحا في الصلاة ثم نسخ قلنا إباحة الكلام في الصلاة قبل الهجرة ثم نسخ بعدها أ لا ترى أن عبد الله بن مسعود قال قدمت على النبي من أرض الحبشة فسلمت عليه فلم يرد ثم قال وإن مما أحدث الله ألا يتكلموا في الصلاة وهذه القصة كانت بعد الهجرة لأن أبا هريرة أسلم بعد الهجرة بسبع سنين وأن النبي ص سجد للسهو ولو كان الكلام مباحا لم يسجد وفي بعض الأخبار أن النبي ع لما أقبل على الناس وسألهم أومأوا أن نعم ولو كان الكلام مباحا لتكلموا